فَإِنْ لَمْ يَقَعْ الظُّهُورُ عَلَى الدَّارِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الْمَالَ فَيَرُدُّهُ عَلَى وَرَثَةِ الْحَرْبِيِّ.
لِأَنَّهُمْ خُلَفَاؤُهُ فِي ذَلِكَ؛ وَإِنَّمَا هَذَا نَظِيرُ حَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ فِي دَارِنَا أَوْدَعَ رَجُلًا مَالًا، ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَأُخِذَ أَسِيرًا، فَإِنَّ الْوَدِيعَةَ تَكُونُ فَيْئًا لِلَّذِينَ أَسَرُوهُ بِمَنْزِلَةِ نَفْسِهِ، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمَالَ كَانَ مُسْتَحَقَّ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَيَدُ الْمُودِعُ فِيهِ كَيَدِهِ فَيَثْبُتُ حُكْمُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ حِينَ أُسِرَ.
٢٤٥٥ - وَكَذَلِكَ لَوْ قُتِلَ فَظَهَرَ عَلَى الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الظُّهُورُ عَلَى الدَّارِ، وَالْمَالُ فِي يَدِ الْمُودِعِ عَلَى حَالِهِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ وَارِثُهُ فَيَأْخُذَهُ، فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ.
وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا يُحْرِزُهُ الْمُسْتَأْمَنُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَبَيْنَ مَا يُحْرِزُهُ بِمَنَعَةِ الْجَيْشِ أَنَّ الْمَأْخُوذَ لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَأَعْتَقَهَا بَعْدَ مَا أَخْرَجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ نَفَذَ عِتْقُهُ فِيهَا، وَلَوْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ مَا أَخْرَجَهَا إلَى الْعَسْكَرِ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ فِيهَا.
فَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ قِيَامُ مِلْكِهِ فِيهَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَانْعِدَامِ مِلْكِهِ إذَا أَحْرَزَهَا بِالْعَسْكَرِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ ثُبُوتُ الْقَهْرِ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِي الْمَحَلِّ.
٢٤٥٦ - وَلَوْ أَنَّ الْأُسَرَاءَ تَجَمَّعُوا فَصَارَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ، فَأَخَذُوا أَمْوَالًا فَأَخْرَجُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، خُمِسَ مَا أَصَابُوا.
لِأَنَّ الْأَخْذَ كَانَ مُبَاحًا لَهُمْ، وَكَانُوا قَاهِرِينَ عِنْدَ الْإِحْرَازِ، بِاعْتِبَارِ الْمَنَعَةِ.
٢٤٥٧ - بِخِلَافِ مَا إذَا كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ، وَلَمْ يُنَابِذُوا أَهْلَ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ لَا يُخَمَّسُ مَا جَاءُوا بِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يُفْتُونَ بِرَدِّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute