للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ الْأَخْذَ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِمْ لِمَعْنَى الْغَدْرِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَالَ الْمَأْخُوذَ لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْأُسَرَاءِ، لَمْ يَخْرُجُوا حَتَّى غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ، فَإِنَّهُ يُخَمِّسُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَيُمَثِّلُهُ فِي الْمُسْتَأْمَنِينَ لَوْ وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَى الدَّارِ، وَالْمَالُ فِي أَيْدِيهِمْ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُنَابِذُوا أَهْلَ الْحَرْبِ، فَإِنَّ الْمَالَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ فِيهِ.

لِأَنَّ الْمُسْتَأْمَنِينَ مَا دَامُوا فِي أَمَانِهِمْ فَيَكُونُ الْمَالُ فِي أَيْدِيهِمْ، لِكَوْنِهِ فِي يَدِ صَاحِبِهِ، فَيَصِيرُ فَيْئًا إذَا وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِ، كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ فِيهِ، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِغُزَاةٍ، بِخِلَافِ الْأُسَرَاءِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُحَارِبِينَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ، فَكَانُوا بِمَنْزِلَةِ الْغُزَاةِ فِي الْمَالِ الَّذِي أَحْرَزُوهُ بِمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَلِهَذَا يُخَمَّسُ، وَيُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأُسَرَاءِ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ.

٢٤٥٨ - وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْمَنُونَ حِينَ أَخَذُوا تِلْكَ الْأَمْوَالَ نَبَذُوا إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ، فَقَاتَلُوهُمْ وَلَهُمْ مَنَعَةٌ، فَحَالُهُمْ الْآنَ كَحَالِ الْأُسَرَاءِ.

لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ أَمَانِهِمْ، صَارُوا مُحَارِبِينَ لَهُمْ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ، وَصَارُوا ذِمَّةً قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِمْ، لَمْ يُؤْمَرْ الْمُسْتَأْمَنُونَ بِرَدِّ الْمَالِ هَا هُنَا، وَفِي الْأَوَّلِ يُؤْمَرُونَ بِرَدِّ الْمَالِ.

٢٤٥٩ - وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ عَسْكَرٌ آخَرُ فَالْتَحَقَ الْمُسْتَأْمَنُونَ بِهِمْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ.

<<  <   >  >>