للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى افْتَرَقَا فَذَلِكَ جَائِزٌ لَا يَنْقُضُهُ افْتِرَاقُهُمَا.

لِأَنَّ مَا يُعْطِيهِ مِنْ الْقِيمَةِ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْ عَيْنِ الْإِبْرِيقِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ يُعِيدُ الْإِبْرِيقَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَدَّهُ بِالْعَيْبِ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَوْ أَرَادَ بَيْعَهُ مُرَابَحَةً بَاعَهُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، دُونَ مَا أَخَذَهُ بِهِ. وَلَوْ كَانَ مَوْهُوبًا فِي يَدِهِ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ. وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فِي عُنُقِهِ جِنَايَةٌ خُوطِبَ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ.

فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ ابْتِدَاءً وَلَكِنَّهُ يُعِيدُهُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ بِمَا يُفْدِيهِ بِهِ، فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الْمُصَارَفَةِ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَشْتَرِطَ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ اسْتَهْلَكَ إبْرِيقًا عَلَى رَجُلٍ فَقَضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْقَضَاءَ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ الْغَاصِبُ الْمُسْتَهْلِكُ يَتَمَلَّكُ لَكِنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ ثَبَتَ شَرْطًا لِلْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ بِهَا فَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ هُنَاكَ مَعْنَى الْمُصَارَفَةِ بَيْنَهُمَا فَلَأَنْ لَا يَتَحَقَّقَ هَا هُنَا وَهُوَ لَا يَتَمَلَّكُهُ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَصْلًا وَإِنَّمَا يُعِيدُهُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ، كَانَ أَوْلَى.

٢٤٧٦ - وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبُوا الْإِبْرِيقَ لِمُسْلِمٍ فَأَخْرَجَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِخَمْرٍ فَأَخْرَجَهُ.

لِأَنَّ هَذَا الشِّرَاءَ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا مُعْتَبَرًا، وَإِنَّمَا كَانَ أَخَذَ الْإِبْرِيقَ مِنْهُمْ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ، فَإِذَا أَخْرَجَهُ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَتِهِ إنْ شَاءَ، كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.

<<  <   >  >>