للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٤٧٧ - وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمْ الْإِبْرِيقَ بِالْخَمْرِ نَصْرَانِيًّا أَوْ مُسْلِمًا اشْتَرَاهُ بِثَوْبٍ، وَأَخْرَجَهُ، فَلِصَاحِبِهِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ مِنْ النَّصْرَانِيِّ، وَبِقِيمَةِ الثَّوْبِ مِنْ الْمُسْلِمِ.

لِأَنَّ هَذَا الشِّرَاءَ كَانَ صَحِيحًا، فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ بِمِثْلِ مَا أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي، وَالثَّوْبُ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَيَكُونُ مِثْلَ الْقِيمَةِ، وَالْمُسْلِمُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَمْلِيكِ الْخَمْرِ فَلِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمِثْلِ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَوَّمَ الثَّوْبُ وَالْخَمْرُ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْإِبْرِيقِ، فَيَأْخُذُهُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ وَزْنِ الْإِبْرِيقِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ يَتَمَلَّكُهُ بِمَا يُؤَدَّى ابْتِدَاءً، وَلَكِنْ يُعِيدُهُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ بِمَا يُعْطَى مِنْ الْفِدَاءِ، بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي يَفْدِيهِ مِنْ الْأَرْشِ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ، كَمَا كَانَ، لَا أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِمَا يُؤَدِّي مِنْ الْفِدَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ سَلَامَتُهُ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ الْمُبَادَلَةُ أَصْلًا لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مَعْنَى الرِّبَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْإِبْرِيقُ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ أَوْ نَصْرَانِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِمِثْلِ مَا أَدَّى، وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ وَزْنِهِ.

لِأَنَّهُ فِدَاءٌ وَلَيْسَ بِشِرَاءٍ، ثُمَّ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الرِّبَا لَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَمَا لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا غَرِمَ فِيهِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَاذَا لَمْ يَقُولُوا بِهَذَا فِيمَا إذَا اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ بِخَمْرٍ فَأَخْرَجَهُ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْخَمْرَ لَا يَتَقَوَّمُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ بِقِيمَةِ مَا أَدَّى مِنْ الْخَمْرِ، فَلِهَذَا أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْإِبْرِيقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي نَصْرَانِيًّا فَإِنَّ الْخَمْرَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّهِ، فَأَمَّا مَا أَعْطَى مِنْ الدَّرَاهِمِ هَا هُنَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قَالَ:

<<  <   >  >>