وَهَذَا بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ.
وَإِنَّمَا عَنَى بِهِ إذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ، وَفِي الدَّارِ صَفَائِحُ مِنْ فِضَّةٍ، أَوْ سَلَاسِلُ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ هُنَاكَ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي حُكْمُ الرِّبَا، وَحُكْمُ الصَّرْفِ فِي حِصَّةِ الصَّفَائِحِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الزِّيَادَاتِ.
وَهَذَا لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَتَمَلَّكُ الدَّارَ ابْتِدَاءً، بِمَا يُؤَدِّي مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ شِرَاءً مُبْتَدَأً، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِدَاءٌ يَفْدِي بِهِ صَاحِبُ الْإِبْرِيقِ مِلْكَهُ الْأَوَّلَ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُضَ شَيْئًا مِنْ الْعُقُودِ، حَتَّى لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ الْعَقْدَ، بِخِلَافِ الشَّفِيعِ فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ نَقْضِ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي.
٢٤٧٨ - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَأْسُورُ عَبْدًا فَفَقَأَ الَّذِي أَخْرَجَهُ عَيْنَيْهِ كَانَ لِمَالِكِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ. وَلَوْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي بِنَاءَ الدَّارِ الَّتِي فِيهَا الشُّفْعَةُ فَإِنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُرَابَحَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا.
فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا يُعْطِي الشَّفِيعُ يَكُونُ ثَمَنًا، وَمَا يُعْطِي الْمَالِكُ الْقَدِيمُ يَكُونُ فِدَاءً فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَاذَا قُلْتُمْ فِي مَسْأَلَةِ أَوَّلِ الْبَابِ: إنَّهُ يُصَارُ إلَى التَّقْوِيمِ، بِخِلَافِ الْجِنْسِ إذَا كَانَ هَذَا فِدَاءً، وَلَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ؟ قُلْنَا: لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ مَالِيَّةُ الصَّنْعَةِ عِنْدَ التَّقْوِيمِ بِالْجِنْسِ، إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ، فَلِلْحَاجَةِ إلَى إظْهَارِ مَالِيَّةِ الصَّنْعَةِ صِرْنَا إلَى التَّقْوِيمِ، بِخِلَافِ الْجِنْسِ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ مُبَادَلَةٌ، فَأَمَّا فِي تَقْوِيمِ الثَّوْبِ وَالْخَمْرِ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي نَصْرَانِيًّا لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ، فَلِهَذَا جَوَّزْنَا تَقْوِيمَهُ بِجِنْسِ الْإِبْرِيقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute