للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَا هُنَا، لِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا حِينَ صَنَّفَ الْكِتَابَ.

وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

فَكَذَلِكَ هَا هُنَا الْمَوْلَى الْقَدِيمُ بِمَنْزِلَةِ الشَّفِيعِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَاكَ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ بِبَيِّنَةٍ فَهَا هُنَا كَذَلِكَ.

٢٥١٣ - وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ فَدَاهُ بِثِيَابٍ مَعْلُومَةٍ، وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهَا، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ، فَالْبَيِّنَةُ هَا هُنَا بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَلِكَ فِي الشُّفْعَةِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى بِهِ بِالدَّارِ (وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ) الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي.

أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَا إشْكَالَ فِيهِ، لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ فِي الْفَصْلَيْنِ. وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرِيَ بِبَيِّنَتِهِ يُثْبِتُ فِعْلَ نَفْسِهِ، وَالْمَوْلَى الْقَدِيمُ بِبَيِّنَتِهِ يُثْبِتُ فِعْلَ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِعْلُ الْمَرْءِ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ، لَا أَنْ يُثْبِتَ هُوَ فِعْلَ نَفْسِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ نَظِيرُ مَا قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ: إنَّهُ صَدَرَ مِنْ الْمُشْتَرِي إقْرَارَانِ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَا عَلَيْهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي أَصْلِ الْفِعْلِ، وَهُوَ الْفِدَاءُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمَا فَدَاهُ بِهِ مِنْ الثِّيَابِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ، فَالْمُثْبِتُ لِلزِّيَادَةِ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ فِيهِ أَوْلَى.

<<  <   >  >>