فَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ بَعَثَ إلَى بَعْضِ أَهْلِهِ فَسَأَلَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ بِمَالٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ بِمَالِ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مَالٍ الْأَسِيرِ فَدَخَلَ إلَيْهِمْ الْمَأْمُورُ بِأَمَانٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمَالِ، فَهُوَ فَيْءٌ، وَلَا سَبِيلَ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ.
لِأَنَّ الْمَال مَا وَصَلَ إلَى يَدِهِمْ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ هَا هُنَا بَلْ بِتَسْلِيمِ صَاحِبِهِ إلَيْهِمْ طَوْعًا.
٢٥٣٨ - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا قَالُوا لَهُ: لَنَقْتُلَنَّك أَوْ لَتَفْدِيَن نَفْسَك.
لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَلَّا يَدْفَعَ الْمَالَ إلَيْهِمْ، حِينَ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ مَعَهُ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُمْ مَا أَثْبَتُوا الْيَدَ عَلَى الْمَالِ قَهْرًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَالُ مَعَهُ حِينَ أَسَرُوهُ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ دَفْعِ يَدِهِمْ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ هُنَاكَ لَوْ صَبَرَ حَتَّى قَتَلُوهُ كَانَتْ يَدُهُمْ ثَابِتَةً عَلَى هَذَا الْمَالِ، وَهَا هُنَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمَأْمُورِ، الَّذِي أَمَرَهُ بِأَنْ يَفْدِيَهُ مِنْ مَالِهِ.
أَرَأَيْت لَوْ رُدَّ هَذَا الْفِدَاءُ بَعْدَ مَا وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ، أَكَانَ يُرَدُّ عَلَى مَنْ أَدَّى أَوْ عَلَى مَنْ أَمَرَ بِهِ وَهُوَ الْأَسِيرُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعِيدٌ مِنْ الْفِقْهِ. وَلَوْ وَقَعَ مُسْلِمٌ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ يُقَاتِلُهُمْ، ثُمَّ صَالَحَهُمْ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُمْ سِلَاحَهُ وَفَرَسَهُ وَيُؤَمِّنُوهُ فَفَعَلُوا ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ الْمُسْلِمِينَ أَصَابُوا ذَلِكَ الْمَالَ فَهُوَ فَيْءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute