للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ مُضْطَرًّا إلَى أَدَاءِ ذَلِكَ الْفِدَاءِ، فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيهِ، وَلَكِنَّ الضَّرُورَةَ إنَّمَا تَحَقَّقَتْ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، فَيَكُونُ رُجُوعُهُ فِي رَقَبَتِهِ بِمِقْدَارِ الْأَقَلِّ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى عَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْمَوْلَى، وَقَدْ كَانَتْ مَالِيَّتُهُ مُسْتَحَقَّةً بِالدَّيْنِ، فَإِنَّمَا يَعُودُ كَمَا كَانَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ لِلْمَوْلَى مَجَّانًا مَا لَمْ يَقْضِ عَنْهُ الدَّيْنَ، وَمَا أَدَّى مِنْ الْفِدَاءِ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ فِدَاءٌ لِمِلْكِهِ لَا أَنْ يَكُونَ بَدَلًا عَنْ مَالِيَّتِهِ، بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمَدِينِ إذَا جَنَى جِنَايَةً، فَفَدَاهُ الْمَوْلَى، فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ عَلَى حَالِهِ.

٢٥٩٠ - وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْعَدُوِّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، ثُمَّ حَضَرَ الْغُرَمَاءُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُبْطِلُوا تَصَرُّفَهُ.

لِأَنَّ دَيْنَهُمْ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ، كَمَا كَانَ فِي مِلْكِ الْمَوْلَى قَبْلَ الْأَسْرِ، فَكَمَا لَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْمَوْلَى وَهِبَتُهُ فِيهِ بِغَيْرِ رِضَى الْغُرَمَاءِ، فَكَذَلِكَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ.

٢٥٩١ - فَإِنْ لَمْ يُبْطِلُوا حَتَّى حَضَرَ الْمَوْلَى فَأَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ بِالثَّمَنِ، أَوْ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْقِيمَةِ، ثُمَّ حَضَرَ الْغُرَمَاءُ، فَأَرَادُوا إبْطَالَ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ.

لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لَهُمْ حَقُّ الْإِبْطَالِ فِي الْمِلْكِ الْحَادِثِ فِيهِ بَعْدَ مَا اشْتَغَلَ بِدَيْنِهِمْ وَقَدْ ارْتَفَعَ كُلُّ مِلْكٍ حَادِثٍ، حِينَ أَخَذَهُ الْمَوْلَى، وَعَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ، فَفِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ عَادَ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْأَسْرِ، فَيُبَاعُ فِي دُيُونِهِمْ، إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى.

٢٥٩٢ - وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْمَأْسُورُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً فَوَجَدَهُ الْمُودَعُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ الْمُسْتَعِيرُ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَأْخُذَاهُ إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ.

<<  <   >  >>