للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ إحْرَازَهُ لَهُ قَدْ تَمَّ حِسًّا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ غَلَبَهُ، وَحُكْمًا بِقُوَّةِ سُلْطَانِهِمْ، حِينَ قَصَرَ يَدَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ، فَصَارَ هُوَ مَالِكًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ حِينَ أَخَذَهُ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا بِالْغَصْبِ، كَمَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا بِالِاسْتِهْلَاكِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا بِالْإِحْرَازِ بِالدَّارِ، وَبِقُوَّةِ سُلْطَانِهِمْ، فَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَهُ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ مِنْ الْمَالِكِ.

- ثُمَّ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ. لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّ الْعَيْنِ بَعْدَ مَا لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَضَمَانُ الْقِيمَةِ خَلَفٌ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ.

- وَلَوْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَأْخُذُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَبَعْدَهَا بِالْقِيمَةِ إنْ شَاءَ. لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ صَارَ غَنِيمَةً، كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي، وَالْحُكْمُ فِيمَا صَارَ غَنِيمَةً مِمَّا كَانَ أَصْلُ الْمِلْكِ فِيهِ لِمُسْلِمٍ مَا بَيَّنَّا.

- وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمَيْنِ مُسْتَأْمَنَيْنِ، أَوْ أَسِيرَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، اغْتَصَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ شَيْئًا ثُمَّ ارْتَدَّ الْغَاصِبُ، وَمَنَعَ الْمَغْصُوبَ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ سُلْطَانُ تِلْكَ الْبِلَادِ، ثُمَّ أَسْلَمُوا جَمِيعًا بَعْدَ ذَلِكَ، فَعَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْمَغْصُوبِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَوْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الدَّارِ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى صَاحِبِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ. لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ لِمَا أَخَذَهُ هَا هُنَا، أَمَّا فِي الْمُسْتَأْمَنِينَ فَغَيْرُ مُشْكِلٍ؛ لِأَنَّ

<<  <   >  >>