أَعْطِنِي لِفُلَانٍ فَلَا يَكُونُ هُوَ مُعَبِّرًا عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهِ، حَتَّى لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَيْهِ، بِأَنْ قَالَ: أَعْطِ فُلَانًا بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذْته بِهِ.
نَقُولُ: بِأَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَلَى الْآمِرِ، وَحَقُّ قَبْضِ الْعَبْدِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ مُعَبِّرًا عَنْ الْعَبْدِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ لَا يَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ، وَنَظِيرُهُ الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ إذَا قَالَ: صَالِحْنِي مِنْ دَعْوَاك الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ فُلَانٍ عَلَى كَذَا، فَصَالَحَهُ كَانَ الْمَالُ عَلَى الْوَكِيلِ.
وَلَوْ قَالَ: صَالِحْ فُلَانًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمَالُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَيْسَ عَلَى الْوَكِيلِ مِنْهُ شَيْءٌ. وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ أَخَذَ شَبَهًا مِنْ أَصْلَيْنِ؛ مِنْ الشِّرَاءِ الْمُبْتَدَأِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْغَيْرِ. وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْعَدُوِّ يُزِيلُ مِلْكَهُ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْعِوَضِ ابْتِدَاءً. وَشَبَهًا مِنْ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، فَيُوَفِّرُ حَظَّهُ عَلَى الشَّبَهَيْنِ، فَنَقُولُ: لِشَبَهِهِ بِالشِّرَاءِ إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ كَانَ هُوَ الْمُطَالَبُ بِالْعِوَضِ، وَكَانَ حَقُّ الْقَبْضِ إلَيْهِ. وَلِشَبَهِهِ بِالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْمَوْلَى الْقَدِيمِ كَانَ هُوَ مُعَبِّرًا عَنْهُ، فَيَكُونُ الْمُطَالَبُ بِالثَّمَنِ هُوَ الْمُوَكِّلُ، وَحَقُّ الْقَبْضِ إلَيْهِ لَيْسَ عَلَى الْوَكِيلِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
٢٦٨٣ - فَإِنْ دَفَعَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الْعَبْدَ، فَدَفَعَهُ إلَى الْآمِرِ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ الْآمِرُ عَيْبًا، قَدْ كَانَ حَدَثَ بَعْدَ مَا أُسِرَ مِنْ يَدِ مَوْلَاهُ، فَاَلَّذِي يُخَاصَمُ فِي الْعَيْبِ هُوَ الْوَكِيلُ.
لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ، وَالْوَكِيلُ فِي حُقُوقِ هَذَا الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ جَعَلَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ ابْتِدَاءً فِي حُكْمِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَ الْآمِرِ وَبَيْنَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ خُصُومَةٌ، سَوَاءٌ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute