لِأَنَّ الْحَدِيدَ أَصْلُ السِّلَاحِ، وَالْحُكْمُ الثَّابِتُ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْ أَصْلٍ يَكُونُ ثَابِتًا فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَسَرَ بَيْضَ الصَّيْدِ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ كَمَا يَلْزَمُهُ بِقَتْلِ الصَّيْدِ.
٢٧٣٣ - وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ بَيْعَ السِّلَاحِ فِي الْفِتَنِ، وَهَكَذَا نَقُولُ، فَإِنَّ بَيْعَ السِّلَاحِ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ اكْتِسَابُ سَبَبِ تَهْيِيجِهَا، وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَسْكِينِهَا. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «الْفِتْنَةُ نَائِمَةٌ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَيْقَظَهَا» فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا فِي زَمَانِ الْفِتْنَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ فَلَأَنْ يُكْرَهَ حَمْلُهُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لِلْبَيْعِ مِنْهُمْ كَانَ أَوْلَى.
٢٧٣٤ - وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ أَمْوَالَهُمْ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ.
لِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ لَا تَصِيرُ مَعْصُومَةً بِدُخُولِهِ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ، وَلَكِنَّهُ ضَمِنَ بِعَقْدِ الْأَمَانِ أَلَّا يَخُونَهُمْ، فَعَلَيْهِ التَّحَرُّزُ عَنْ الْخِيَانَةِ، وَبِأَيِّ سَبَبٍ طَيَّبَ أَنْفُسَهُمْ حِينَ أَخَذَ الْمَالَ، فَإِنَّمَا أَخَذَ الْمُبَاحَ عَلَى وَجْهٍ مَنَعَهُ عَنْ الْغَدْرِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ طَيِّبًا لَهُ، الْأَسِيرُ وَالْمُسْتَأْمَنُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، حَتَّى لَوْ بَاعَهُمْ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بَاعَهُمْ مَيْتَةً بِدَرَاهِمَ، أَوْ أَخَذَ مَالًا مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْقِمَارِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ طَيِّبٌ لَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْأَسِيرِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْمَنِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَكِنَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute