نَقُولُ: الْمُسْتَأْمَنُ إنَّمَا يُفَارِقُ الْأَسِيرَ فِي الْأَخْذِ بِغَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ، فَأَمَّا فِي الْأَخْذِ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ فَهُوَ كَالْأَسِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَلَّا يَغْدِرَ بِهِمْ، وَلَا غَدْرَ فِي هَذَا.
ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ «بِحَدِيثِ مُخَاطَرَةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، مَعَ أَهْلِ مَكَّةَ فِي غَلَبَةِ الرُّومِ مَعَ أَهْلِ فَارِسَ، حَتَّى قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - زِدْهُ فِي الْخَطَرِ وَأَبْعِدْ فِي الْأَجَلِ» . فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَائِزًا مَعَهُمْ لَمَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.
٢٧٣٥ - «وَلَمَا قَمَرَهُمْ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَخَذَ الْخَطَرَ فَجَاءَ بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ» . فَبِظَاهِرِهِ يَسْتَدِلُّ سُفْيَانُ فَيَقُولُ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ طَيِّبًا لَمْ يَأْمُرْهُ بِالتَّصَدُّقِ.
٢٧٣٦ - وَلَكِنَّا نَقُولُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا لَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، أَنْ يُقَامِرَهُمْ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ مَا أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ) . فَعَرَفْنَا بِهَذَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا، وَلَكِنْ نَدَبَهُ إلَى التَّصَدُّقِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا أَظْهَرَ مِنْ صِدْقِهِ.
٢٧٣٧ - وَاسْتَدَلَّ «بِمُصَارَعَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ رُكَانَةَ حِينَ كَانَ بِمَكَّةَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فِي كُلِّ مَرَّةٍ بِثُلُثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute