للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غَنَمِهِ» ، وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «ثُمَّ لَمَّا صَرَعَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ قَالَ مَا وَضَعَ أَحَدٌ جَنْبِي قَطُّ، وَمَا أَنْتَ صَرَعَتْنِي فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الْغَنَمَ عَلَيْهِ» فَبِظَاهِرِهِ يَسْتَدِلُّ سُفْيَانُ فَيَقُولُ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ طَيِّبًا مَا رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا مَا دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا رَدَّ الْغَنَمَ عَلَيْهِ تَطَوُّلًا مِنْهُ عَلَيْهِ. وَكَثِيرًا مَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُؤَلِّفُهُمْ بِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا.

٢٧٣٨ - وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا بِحَدِيثِ «بَنِي قَيْنُقَاعِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَجْلَاهُمْ قَالُوا: إنَّ لَنَا دُيُونًا لَمْ تَحِلَّ بَعْدُ، فَقَالَ: تَعَجَّلُوا أَوْ ضَعُوا» «وَلَمَّا أَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ قَالُوا: إنَّ لَنَا دُيُونًا عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: ضَعُوا أَوْ تَعَجَّلُوا» .

وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ لَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ فَوَضَعَ عَنْهُ بَعْضَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُعَجِّلَ بَعْضَهُ، لَمْ يَجُزْ، كَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. ثُمَّ جَوَّزَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي حَقِّهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ حَرْبٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلِهَذَا أَجْلَاهُمْ. فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَالْمُسْلِمِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.

٢٧٣٩ - قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي عَسْكَرِهِمْ وَالْمُشْرِكُونَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَايِعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، إلَّا بِمَا يَجُوزُ بَيْنَ

<<  <   >  >>