للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ إنَّمَا أُعْطِيَ الْمَالَ لِيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْجِهَادِ، حَتَّى يَكُونَ هُوَ مُجَاهِدًا بِمَالِهِ فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ وَيَتَفَضَّلُ لِنَفْسِهِ.

- كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الرَّجُلِ يَجْعَلُ الْجُعَلَ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيُجْعَلُ أَقَلَّ مِمَّا اجْتَعَلَ. قَالَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَرَادَ الْفَضْلَ فَلَا بَأْسَ بِهِ. يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ أَنْ يَحْبِسَ الْفَصْلَ لِيَصْرِفَهُ عَلَى حَوَائِجِ نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَيَرُدُّ مَا فَضَلَ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ إذَا رَجَعَ. بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ إذَا رَجَعَ بِفَضْلِ نَفَقَتِهِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّهُ. وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرُدَّ الْفَضْلَ كَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْأُجْرَةِ لَهُ عَلَى عَمَلِهِ، وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْجِهَادِ بَاطِلٌ.

- وَعَلَى هَذَا لَوْ أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا فَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجَهِّزَهُمْ بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَأْخُذَ مِنْ النَّاسِ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَحَكَّمَ عَلَى النَّاسِ بِمَا يَتَقَوَّى بِهِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ إلَى الْجِهَادِ. لِأَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا لَهُمْ، وَتَمَامُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ. عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَرَبَ بَعْثًا عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَرَفَعَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَنْ وَلَدِهِ فَقَالَا: لَا نَقْبَلُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ نَجْعَلُ مِنْ أَمْوَالِنَا لِلْغَازِي.

<<  <   >  >>