وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ فِي مَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَلَّمَهُ الْحَرْبِيُّ مِنْ حِصْنِهِ، وَعَامَلَهُ بِهَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ الْفَاسِدَةِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ.
لِأَنَّ مُرَاعَاةَ جَانِبِ مَنْ هُوَ فِي مَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ مُفْسِدٌ لِهَذَا الْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ إذَا فَسَدَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ فَذَلِكَ يَكْفِي لِإِفْسَادِهِ.
٢٩١٢ - وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ بِالْجَوَازِ هَا هُنَا، لِأَنَّ مَالَ الْحَرْبِيِّ مُبَاحٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، هَهُنَا، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ دَخَلَ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ، إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَبَرَ الْمَكَانَ، وَجَعَلَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ عَامَلَ الْمُسْلِمَ بِذَلِكَ، فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ إذَا كَانَا فِي مَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فِي مَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمَشَايِخُ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ حِينَ خَرَجَ بِأَمَانٍ إلَيْنَا فَقَدْ صَارَ مَالُهُ لَهُ مَعْصُومًا مُحْتَرَمًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي مَنَعَتِهِ فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِمَالِهِ هُنَاكَ.
٢٩١٣ - وَلَوْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَسَرُوا أَمَةً مُسْلِمَةً فَأَحْرَزُوهَا، ثُمَّ قَدَرَ هَذَا الْمُسْتَأْمَنُ مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يَسْرِقَهَا فَيُخْرِجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute