لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِالْإِحْرَازِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمُوا أَوْ صَارُوا ذِمَّةً كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَهُوَ فِي هَذِهِ السَّرِقَةِ يَغْدِرُ بِهِمْ، الْغَدْرُ حَرَامٌ.
٢٩١٤ - وَلَوْ رَغِبُوا فِي بَيْعِهَا مِنْهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهَا مِنْهُمْ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ، فَلَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مَعْنَى الْغَدْرِ.
وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا الْفَصْلَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى أَبِي يُوسُفَ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إنْ جَوَّزَ هَذَا لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَقُولَ بِالْجَوَازِ أَيْضًا فِيمَا سَبَقَ مِنْ الْعُقُودِ، فَإِنْ قَالَ: لَا أُجَوِّزُ هَذَا وَأَكْرَهُهُ لِلْمُسْلِمِ فَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ مُسْلِمَةً فِي يَدِ حَرْبِيٍّ، يُوَاقِعُهَا حَرَامًا، مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ يَفْدِيَهَا بِخَمْرٍ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ.
٢٩١٥ - وَبَعْدَ مَا يَشْتَرِيهَا بِخَمْرٍ إذَا أَخْرَجَهَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ، حَتَّى يُنَفِّذَ عِتْقَهُ فِيهَا، وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا مِنْهُ بِقِيمَتِهَا إنْ شَاءَ.
لِأَنَّهُ تَمَلَّكَهَا بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ، لَا بِجِهَةِ الْبَيْعِ، فَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَهَبُوهَا لَهُ فَأَخْرَجَهَا.
٢٩١٦ - وَبِهَذَا تَبَيَّنَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَجْرِي فِي دَارِ الْحَرْبِ وَبَيْنَ مَا يَجْرِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ خَرَجَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، وَمَعَهُ تِلْكَ الْجَارِيَةُ، فَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ فِي دَارِنَا أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِخَمْرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute