للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٩٢٦ - وَعَلَى هَذَا لَوْ أَرَادُوا قَطْعَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، فَنَاوَلَهُمْ ذَلِكَ الْعُضْوَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ إنْ كَانَ يَفْعَلُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ صَحِيحٌ لَمْ يَسَعْهُ ذَلِكَ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا لَهُ: الْبَسْ ثِيَابَك حَتَّى نَقْتُلَك، فَلَبِسَ ثِيَابَهُ يَطْلُبُ بِهَا السِّتْرَ لَمْ يَكُنْ بِهِ مُعِينًا عَلَى نَفْسِهِ.

لِأَنَّ لُبْسَ الثِّيَابِ لَيْسَ مِنْ الْقَتْلِ فِي شَيْءٍ، وَلَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِيمَا صَنَعَ، وَهُوَ أَلَّا تَنْكَشِفَ عَوْرَتَهُ إذَا قَتَلُوهُ.

٢٩٢٧ - قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ حِينَ أَبَى أَنْ يُبَايِعَ أُلْبِسَ ثِيَابَ شَعْرٍ فَلَبِسَهُ فَلَمَّا ضُرِبَ وَلَمْ يُقْتَلْ قَالَ: أَمَّا إنِّي لَوْ ظَنَنْت أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ قَتْلِي مَا لَبِسْته.

فَقَدْ لَبِسَهُ بِأَمْرِهِمْ حِينَ ظَنَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي اللُّبْسِ إعَانَةٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ.

٢٩٢٨ - وَكَذَلِكَ لَوْ انْتَهَوْا إلَيْهِ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْهُمْ، فَقَالُوا: اُخْرُجْ إلَيْنَا حَتَّى نَضْرِبَ عُنُقَك، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ إذَا كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ أَنَّهُ يَخَافُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ أَنْ يُمَثِّلُوا بِهِ.

وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ إلَيْهِمْ لَيْسَ فِيهِ مِنْ اسْتِهْلَاكِ النَّفْسِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ فِرَارًا عَنْ الْمُثْلَةِ، وَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ.

<<  <   >  >>