للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادُوا صَلْبَهُ فَأَمَرُوهُ أَنْ يَصْعَدَ الْخَشَبَةَ فَصَعِدَهَا.

لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضًا صَحِيحًا، وَهُوَ دَفْعُ أَلَمِ الضَّرَبَاتِ الْمُتَوَالِيَاتِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ دَفْعُ مَا يَخَافُهُ مِنْ الْمُثْلَةِ بِهِ، أَوْ أَنْ يَقْتُلُوهُ قِتْلَةً هِيَ أَخْبَثُ مِنْ الصَّلْبِ.

٢٩٣٠ - وَلَكِنْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْخَشَبَةُ بِحَيْثُ لَا يَخَافُ التَّلَفَ مِنْ صُعُودِهَا، فَأَمَّا إذَا كَانَ يَخَافُ التَّلَفَ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصْعَدَهَا.

لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَاتِلًا نَفْسَهُ بِالصُّعُودِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْخَشَبَةِ، وَلَا رُخْصَةَ لَهُ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ بِحَالٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] .

٢٩٣١ - وَلَوْ أَوْقَدُوا نَارًا فَقَالُوا لَهُ: اطْرَحْ نَفْسَك فِيهَا، وَرُبَّمَا نَجَا مِنْهَا، وَرُبَّمَا لَمْ يَنْجُ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ.

لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَاتِلًا نَفْسَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، وَلَا أَنْ يُعِينَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ، فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ جِهَةُ الِامْتِنَاعِ حَتَّى يَصِيرَ مَقْتُولًا بِفِعْلِهِمْ إنْ قَتَلُوهُ.

٢٩٣٢ - إلَّا أَنْ يَكُونُوا هَدَّدُوهُ بِنَوْعٍ مِنْ الْقَتْلِ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ طَرْحِ نَفْسِهِ فِي النَّارِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ هُوَ فِي سَعَةٍ أَنْ يَطْرَحَ نَفْسَهُ فِيهَا.

<<  <   >  >>