للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٩٣٦ - وَلَكِنْ لَوْ لَمْ يَقُلْ: اضْرِبُوا، وَلَكِنْ قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَشُقُّوا بَطْنِي، فَإِنَّ هَذَا لَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْعُنُقِ أَوْحَى وَأَجْمَلُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.

لِأَنَّهُ صَرَّحَ هَا هُنَا بِالنَّهْيِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْأَمْرِ بِضَرْبِ الْعُنُقِ. إنَّمَا أَخْبَرَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِمَّا هَمُّوا بِهِ، فَلِهَذَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوهُ كَانَ هُوَ آثِمًا فِي قَوْلِهِ: اضْرِبُوا عُنُقِي؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْصِيَةِ، وَلَمْ يَكُنْ هُوَ آثِمًا فِي قَوْلِهِ: ضَرْبُ الْعُنُقِ أَوْحَى وَأَجْمَلُ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: ضَرْبُ الْعُنُقِ أَوْحَى وَأَجْمَلُ، وَلَكِنْ اتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَصْنَعُوا بِي شَيْئًا مِنْ هَذَا. فَضَرَبُوا عُنُقَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إثْمٌ فِي مَقَالَتِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٢٩٣٧ - وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ غَيْرَ الْمَقْصُودِ بِالْقَتْلِ مِنْ الْأُسَرَاءِ هُوَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ، وَلَا تُمَثِّلُوا بِهِ. فَإِنَّ ضَرْبَ الْعُنُقِ يَأْتِي عَلَى مَا تُرِيدُونَ رَجَوْت أَلَا يَكُونَ آثِمًا، وَلَوْ قَالَ: اضْرِبُوا عُنُقَهُ كَانَ آثِمًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ فِي التَّصْرِيحِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْصِيَةِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ بِهِ يَوْمَكُمْ هَذَا، وَلَكِنْ افْعَلُوهُ غَدًا

<<  <   >  >>