أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُمْنَعُونَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهَا الْإِمَامُ مِصْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، يُقِيمُ فِيهَا الْجُمَعَ وَالْأَعْيَادَ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَا تَرَكَ ذَلِكَ) .
لِأَنَّ الْمَانِعَ صُورَةُ الْمُعَارَضَةِ.
٣٠٢٩ - قَالَ: وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ كَنِيسَةً وَلَا بِيعَةً وَلَا بَيْتَ نَارٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَظْهَرَ فِيهَا بَيْعُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ.
لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ يُبْنَى عَلَى سُكْنَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهَا، وَهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ اسْتِدَامَةِ السُّكْنَى فِي أَرْضِ الْعَرَبِ، كَرَامَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ مَوْضِعُ وِلَادَتِهِ وَمَنْشَئِهِ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «لَا يَجْتَمِعُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ دِينَانِ» .
وَقَالَ: «لَئِنْ بَقِيت لَأُخْرِجَنَّ بَنِي نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» . ثُمَّ أَجَلَاهُمْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، إلَى الشَّامِ، وَقَدْ كَانَ لَهُمْ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَلِكَ أَجْلَى يَهُودَ خَيْبَرَ وَيَهُودَ وَادِي الْقُرَى وَغَيْرَهُمْ مِمَّنْ كَانَ يَسْكُنُ أَرْضَ الْعَرَبِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، حَتَّى لَحِقَ بَعْضُهُمْ بِالشَّامِ وَبَعْضُهُمْ بِالْعِرَاقِ. فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ اسْتِدَامَةِ السُّكْنَى لِحُرْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ فِي الْمَنْعِ مِنْ تِلْكَ الْكَنَائِسِ وَإِظْهَارِ بَيْعِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ فِيهَا أَظْهَرُ.
٣٠٣٠ - وَإِذَا دَخَلَهَا مُشْرِكٌ تَاجِرًا عَلَى أَنْ يَتْجُرَ وَيَرْجِعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute