لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِدِيَانَةٍ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ فِسْقٌ فِي الدِّيَانَةِ، فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الْحُرْمَةَ فِي ذَلِكَ كَمَا يَعْتَقِدُهُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ. ثُمَّ الْمُسْلِمُونَ يُمْنَعُونَ مِنْ كُلِّهِ فِي الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ فَكَذَلِكَ أَهْلُ الذِّمَّةِ.
٣٠٤٥ - وَالْأَصْلُ فِيهِ عَقْدُ الرِّبَا، فَقَدْ صَحَّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، كَتَبَ إلَى أَهْلِ نَجْرَانَ بِأَنْ تَدَعُوا الرِّبَا أَوْ تَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» ، وَكَانَ ذَلِكَ لِهَذَا الْمَعْنَى أَنَّهُ فِسْقٌ مِنْهُمْ فِي الدِّيَانَةِ، فَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ حُرْمَةُ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: ١٦١] . وَعَلَى هَذَا إظْهَارُ بَيْعِ الْمَزَامِيرِ وَالطُّبُولِ لِلَّهْوِ، وَإِظْهَارُ الْغِنَاءِ، فَإِنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ، وَمَنْ كَسَّرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَضْمَنْهُ إلَّا كَمَا يَضْمَنُهُ إذَا كَسَّرَهُ لِلْمُسْلِمِ.
لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ عَقْدُ الذِّمَّةِ فِي التَّقْرِيرِ عَلَيْهِ، إذْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ عَلَيْهِ فِي دِينِهِمْ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ وَنِكَاحِ الْمَحَارِمِ وَعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ خَاصَّةً، فَأَمَّا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَحَالُهُمْ كَحَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَنْعِ مِنْ ارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ.
٣٠٤٦ - وَلَوْ طَلَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ الصُّلْحَ عَلَى شَرْطِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إنْ اتَّخَذُوا مِصْرًا فِي أَرْضِهِمْ لَمْ يَمْنَعُوهُمْ مِنْ أَنْ يُحْدِثُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute