للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوهُمَا كَانَ فِيهِ ضَيَاعُ الصَّبِيِّ أَيْضًا. وَلِأَنَّ تَضْيِيعَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ تَضْيِيعِهِمَا، وَلِأَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ الْمَرْأَةَ دُونَ الصَّبِيِّ يَقْصِدُونَ مَنْفَعَةَ أَنْفُسِهِمْ فِي اسْتِرْقَاقِهَا، وَذَلِكَ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُسْلِمِينَ.

٣٠٧٠ - وَلَا بَأْسَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا بِسَبَبِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ، إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمْ أَلَّا يَرْمُوا بِالصَّبِيِّ عَنْ خُيُولِهِمْ رَمْيًا، وَلَكِنْ يَضَعُونَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَضْعًا.

لِأَنَّهُمْ إذَا رَمَوْا بِهِ كَانَ هَالِكًا بِفِعْلِهِمْ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْقَتْلِ مِنْهُمْ لَهُ، وَإِذَا وَضَعُوهُ لَمْ يَكُونُوا قَاتِلِينَ لَهُ.

أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ لَقِيطًا فَرَفَعَهُ ثُمَّ وَضَعَهُ فِي مَكَانِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَوْ رَمَى فَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا بَدَلَ نَفْسِهِ، فَبِهَذَا تَبَيَّنَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَضْعِ وَالتَّرْكِ فِي مَوْضِعٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ يُهْلَكُ فِيهِ.

٣٠٧١ - وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَى حَمْلِ الصَّبِيِّ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى حَمْلِ أُمِّهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلُوهُ وَيَتْرُكُوهَا، إذَا كَانُوا يَطْمَعُونَ فِي إخْرَاجِهِ صَحِيحًا، بِأَنْ كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَى غِذَاءٍ يُغَذُّونَهُ بِهِ إذَا فَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ، فَإِنْ كَانُوا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنَّهُمْ يَتَيَقَّنُونَ بِأَنَّهُ يَمُوتُ فِي أَيْدِيهِمْ إذَا حَمَلُوهُ دُونَ أُمِّهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكُوهُ مَعَ أُمِّهِ.

لِأَنَّ هَذَا تَفْرِيقٌ غَيْرُ مُفِيدٍ. وَلِأَنَّهُمْ إذَا تَرَكُوهُ مَعَ أُمِّهِ لَا يَكُونُ هَلَاكُ

<<  <   >  >>