للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ الدَّفْعَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ عَزِيمَةٌ، وَتَرْكُ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ رُخْصَةٌ، وَالتَّمَسُّكُ بِالْعَزِيمَةِ خَيْرٌ مِنْ التَّرَخُّصِ بِالرُّخْصَةِ.

٣٠٨٨ - وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يُقَوَّوْنَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يَأْخُذُوا مِنْهُمْ الْأَطْفَالَ لَمْ يَسَعْهُمْ تَرْكُهُمْ.

لِأَنَّ الدَّفْعَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ هُوَ الْعَزِيمَةُ، وَعِنْدَ النَّفِيرِ الْعَامِّ يُفْرَضُ الْخُرُوجَ لِلْقِتَالِ عَلَى كُلِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ عَيْنًا لِلدَّفْعِ عَنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا يَطْمَعُونَ فِي أَنْ يَنْجُوا مَعَ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ إذَا قَاتَلُوا لَمْ يَسَعْهُمْ إلَّا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَطْمَعُونَ فِي ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي الْبِدَايَةِ بِأَنْفُسِهِمْ فِي اكْتِسَابِ سَبَبِ النَّجَاةِ، عَمَلًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «ابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» . وَعَلَى هَذَا لَوْ اُبْتُلُوا بِهَذِهِ الْحَادِثَةِ فِي أَطْفَالٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ حَمَلُوهُمْ بِدُونِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ حَتَّى أَخْرَجُوهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَام ثُمَّ أَدْرَكَهُمْ الْمُشْرِكُونَ.

لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَطْفَالَ صَارُوا مُسْلِمِينَ بِاعْتِبَارِ دَارِ الْإِسْلَامِ، حِينَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ.

أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ يُصَلَّى عَلَيْهِ فَكَانُوا بِمَنْزِلَةِ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ.

٣٠٨٩ - وَلَوْ كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ إنْ رَمَوْا بِهِمْ لَمْ يَهْلَكُوا، وَلَكِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَأْخُذُونَهُمْ فَيَرُدُّونَهُمْ إلَى بِلَادِهِمْ،

<<  <   >  >>