للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٠٩٢ - وَلَوْ كَانُوا فِي سَفِينَةٍ فَخَافُوا إنْ لَمْ يَرْمُوا بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْمَاءِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْرِكُونَ مَنْ فِي السَّفِينَةِ لَمْ يَحِلَّ لَهُمْ أَنْ يَرْمُوا بِهِمْ فِي الْمَاءِ.

لِأَنَّ أَكْبَرَ الرَّأْيِ فِي الْمَاءِ أَنَّهُ مُهْلِكٌ، فَكَانَ فِي هَذَا إتْلَافُ الذَّرَارِيِّ، وَلَا رُخْصَةَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ لِتَحْصِيلِ النَّجَاةِ لِأَنْفُسِهِمْ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. فَالرَّمْيُ بِهِمْ عَنْ الْخُيُولِ هُنَاكَ غَيْرُ مُتْلِفٍ لَهُمْ غَالِبًا، حَتَّى أَنَّ فِي السَّفِينَةِ إذَا كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ مِنْهُمْ عِنْدَ الرَّمْيِ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَنَّهُمْ لَا يَهْلَكُونَ وَلَكِنْ يَأْخُذُهُمْ الْمُشْرِكُونَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، إذَا كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ مِنْهُمْ أَنْ يَهْلَكُوا جَمِيعًا إنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ

٣٠٩٣ - وَلَوْ أَخَذَتْ السَّرِيَّةُ أَطْفَالًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَعَجَزُوا عَنْ حَمْلِهِمْ وَمَرُّوا بِحِصْنٍ مِنْ حُصُونِهِمْ فَسَأَلُوهُمْ أَنْ يَدْفَعُوهُمْ إلَيْهِمْ حَتَّى يَقُومُوا بِتَرْبِيَتِهِمْ فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمْ يَضَعُونَهُمْ وَضْعًا، فَإِنْ شَاءَ أُولَئِكَ نَزَلُوا فَأَخَذُوهُمْ وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهُمْ.

لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَيْهِمْ لِلتَّرْبِيَةِ مِنْ بَابِ الْإِحْسَانِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ، إنَّمَا عَلَيْهِمْ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْإِسَاءَةِ، وَوَضْعُهُمْ إيَّاهُمْ عَلَى الْأَرْضِ لَيْسَ مِنْ الْإِسَاءَةِ فِي شَيْءٍ، فَلِهَذَا كَانَ الرَّأْيُ إلَيْهِمْ إنْ شَاءُوا وَضَعُوهُمْ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ شَاءُوا أَسْلَمُوهُمْ إلَيْهِمْ. وَمَا بَعْدَ هَذَا إلَى آخِرِ الْبَابِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ شَرْحِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

<<  <   >  >>