بَعْدَ مَا اُفْتُدِيَتْ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ أَسْلَمُوا: وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ عِنْدَنَا مُفَادَاةُ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ لِيُرَدُّوا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَيَكُونُوا عَوْنًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
٣١٥٤ - وَذُكِرَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ: لَيْسَ يُفْدَى الْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَبِهِ نَأْخُذُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ كَانَ مَمْلُوكًا لِمَوْلَاهُ وَقَدْ صَارَ بِالْإِحْرَازِ مِلْكًا لَهُمْ، فَإِنَّمَا مَوْلَاهُ هُوَ الَّذِي يَفْدِيهِ بِمَالِهِ لِيُعِيدَهُ إلَى مِلْكِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَوْلَاهُ مَالٌ فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْدِيَهُ بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ لَا سَبِيلَ لِمَوْلَاهُ عَلَيْهِ، بَلْ يَكُونُ مِنْ عَبِيدِ بَيْتِ الْمَالِ، إلَّا أَنْ يُعْطِيَ مَوْلَاهُ ذَلِكَ الْفِدَاءَ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ مِنْهُمْ وَأَخْرَجَهُ، فَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِيُفْدَى مِنْهُ، وَإِنَّمَا مَالُ بَيْتِ الْمَالِ مُعَدٌّ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّمَا يُفْدَى أُسَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ طَلَبُوا فِي مُفَادَاةِ الْأَسِيرِ بِالْأَسِيرِ أَنْ نُعْطِيَهُمْ بَعْضَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ أَسَرْنَاهُمْ خَاصَّةً دُونَ مَنْ أَسَرْنَاهُمْ مَعَهُمْ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدَيْهِ. لِأَنَّ هَذَا التَّفْرِيقَ بِحَقِّ وَحُرْمَةِ الْمُسْلِمِ الَّذِي وَجَبَ تَخْلِيصُهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الصَّبِيِّ، فَلِهَذَا جَوَّزْنَا الْمُفَادَاةَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute