للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ شَرَطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا» وَوَفَّى بِذَلِكَ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ رَدَّ أَبَا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَرَدَّ أَبَا بَصِيرٍ عَلَى مَنْ جَاءَ فِي طَلَبِهِ حَتَّى فَعَلَ مَا فَعَلَ. قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنَّ هَذَا حُكْمٌ قَدْ انْتَسَخَ بِالْكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] الْآيَةَ. وَكَانَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ خَاصَّةً، وَقَدْ عَلِمَ وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ، فَقَالَ: «لَا يَسْأَلُونَنِي الْيَوْمَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إيَّاهُ» ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مُسْلِمًا أَوْ أَنْ نَتْرُكَ أَخْذَ الْمُسْلِمِ مِنْ أَيْدِيهِمْ إذَا قَدَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ بِحَالِ، فَإِنْ أَرَادُوا أَخْذَهُمْ فَعَرَضَ لَهُمْ الْمُشْرِكُونَ فِي ذَلِكَ، فَلْيَنْبِذُوا إلَيْهِمْ ثُمَّ لِيُقَاتِلُوهُمْ أَشَدَّ الْقِتَالِ، دُونَ أُسَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَسْتَنْقِذُوهُمْ.

وَإِنْ كَانُوا شَرَطُوا عَلَيْنَا أَنْ نَأْتِيَهُمْ بِعِدَّةٍ مِنْ الْعُلُوجِ قَدْ سَمَّوْهُمْ فَلَمْ نَأْتِهِمْ بِهِمْ أَوْ أَتَيْنَاهُمْ ثُمَّ كَانَ تَرْكُ الْمُفَادَاةِ مِنْ قِبَلِنَا أَوْ قِبَلِهِمْ فَالْجَوَابُ سَوَاءٌ، أَلَّا يَكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُونَ فِي سَعَةِ مِنْ تَرْكِ قِتَالِهِمْ. لِأَنَّ عَلَيْهِمْ حِفْظُ قُوَّةِ أَنْفُسِهِمْ أَوَّلًا ثُمَّ الْعُلُوَّ وَالْغَلَبَةَ إنْ تَمَكَّنُوا مِنْهُ.

<<  <   >  >>