ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ نَدْفَعَهُ، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ لَمْ يَنْبَغِ لَنَا أَنْ نَدْفَعَهُ إلَيْهِمْ. لِأَنَّهُ آمِنٌ فِينَا مَا لَمْ يَبْلُغْ مَأْمَنَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: مُقَامُهُ فِينَا إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ دَلِيلُ الرِّضَاءِ بِدَفْعِهِ إلَيْهِمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ نَجْعَلَ ذَلِكَ كَصَرِيحِ الرِّضَاءِ، كَمَا لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِلْمُسْتَأْمَنِ إنْ خَرَجْت إلَى وَقْتِ كَذَا وَإِلَّا جَعَلْتُك ذِمَّةً، ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ ذِمِّيًّا لِوُجُودِ دَلَالَةِ الرِّضَاءِ مِنْهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ.
قُلْنَا: هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ هَذَا دَلِيلٌ مُحْتَمَلٌ فَلَا يَجُوزُ تَعْرِيضُهُ لِلْقَتْلِ بِمِثْلِ هَذَا الدَّلِيلِ، مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالرِّضَاءِ بِرَدِّهِ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّا صَيْرُورَتُهُ ذِمِّيًّا فَهُوَ حُكْمٌ ثَبَتَ مَعَ الشُّبْهَةِ، وَيَجُوزُ اعْتِمَادُ الدَّلِيلِ الْمُحْتَمَلِ فِي مِثْلِهِ.
٣٢٠٩ - وَإِنْ طَلَبَ رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ مَلِكِهِمْ فِي بَعْضِ حُصُونِهِمْ، أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى أَنْ يَصِيرَ ذِمَّةً لَنَا فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَاتَلْنَاكُمْ وَقَتَلْنَا أُسَرَاءَكُمْ فَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى مَا قَالَهُ الْمُشْرِكُونَ. لِأَنَّ الذِّمَّةَ خَلْفٌ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي الْتِزَامِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِي الدُّنْيَا.
٣٢١٠ - وَلَوْ رَغِبَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُشْكَكْ أَنَّهُ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ فَكَذَلِكَ إذَا قِبَلَ عَقْدَ الذِّمَّةِ، قُلْنَا: يُقْبَلُ مِنْهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute