أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَتُحِبَّ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ، وَتَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَا تُكَفِّرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَلَا تَنْطِقَ فِي اللَّهِ بِشَيْءٍ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: قَبْلَ الْخِلَافَةِ كَانَ عَلِيٌّ مُقَدَّمًا عَلَى عُثْمَانَ، وَبَعْدَ الْخِلَافَةِ عُثْمَانُ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ، فَأَمَّا الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّ عُثْمَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا -، قَبْلَ الْخِلَافَةِ وَبَعْدَهَا. كَمَا رَوَى جَابِرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَتِي بَعْدِي فِي أُمَّتِي، وَعُمَرُ حَبِيبِي، وَعُثْمَانُ مِنِّي، وَعَلِيٌّ أَخِي وَصَاحِبُ لِوَائِي» . فَنُفَضِّلُهُمْ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَمْ يُرِدْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (٤٦ ب) بِمَا ذَكَرَ تَقْدِيمَ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ، وَلَكِنَّ مُرَادَهُ أَنَّ مَحَبَّتَهُمَا مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ. فَالْوَاوُ عِنْدَهُ لَا يُوجِبُ التَّرْتِيبَ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَكْحُولٌ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوَّلًا لِأَنَّهُ كَانَ إمَامَ أَهْلِ الشَّامِ. وَأَهْلُ الشَّامِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ يَقَعُ بَعْضُهُمْ فِي عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلِهَذَا قَدَّمَهُ فِي الذِّكْرِ حَتَّى يَزْجُرَهُمْ عَنْ ذَلِكَ.
١٦٠ - وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قُلْت لِابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: مَا تَقُولُ فِي الْغَزْوِ، فَقَدْ صَنَعَ الْأُمَرَاءُ مَا قَدْ رَأَيْت. قَالَ: أَرَى أَنْ تَغْزُوَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْك مِمَّا أَحْدَثُوا شَيْءٌ. يَعْنِي مَا أَحْدَثُوا مِمَّا تَكْرَهُهُ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا وُلِّيَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنْ يَكُنْ خَيْرًا شَكَرْنَا، وَإِنْ يَكُنْ بَلَاءً صَبَرْنَا، ثُمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} [النور: ٥٤] . الْآيَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute