للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ جَاءَ بِهِمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ سِوَى الَّذِينَ صَالَحُوا عَلَى الْفِدَاءِ فَلَمَّا أَصَابَهُمْ الْمُسْلِمُونَ قَالُوا: قَدْ كُنَّا مَعَ أَصْحَابِ الْفِدَاءِ، وَهُمْ حَلَّفُونَا لِحِفْظِهِمْ لَمْ يَصَدَّقُوا عَلَى ذَلِكَ.

لِأَنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَمْرًا خِلَافَ مَا يَشْهَدُ بِهِ الظَّاهِرُ، يُرِيدُونَ أَنْ يُلْزِمُوا الْمُسْلِمِينَ تَسْلِيمَ الْفِدَاءِ إلَيْهِمْ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَلِلْمُسْلِمِينَ مَا أَصَابُوا مِنْهُمْ بِغَيْرِ فِدَاءٍ.

٣٣١٨ - وَلَوْ بَعَثَ أَهْلُ الْحَرْبِ إلَى الْمُسْلِمِينَ إنَّا نُرِيدُ أَنْ نُفَادِيَكُمْ بِنَاسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانُ بِالصِّبْيَانِ، فَرَضِيَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ، ثُمَّ جَاءُوا بِالْأُسَرَاءِ مِمَّنْ لَمْ يَمْلِكُوهُمْ فَأَرَادَ الْأَمِيرُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ وَلَا يُعْطِيهِمْ فِدَاءَهُمْ فَهَذَا وَاسِعٌ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ.

لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَمْ يَمْلِكُوهُمْ، وَهُمْ ظَالِمُونَ فِي حَبْسِهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ إعْطَاءَ الْأَمَانِ عَلَى التَّقْرِيرِ عَلَى الظُّلْمِ لَا يَجُوزُ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ أَسْلَمُوا أَوْ صَارُوا ذِمَّةً أَخَذُوا مِنْهُمْ شَاءُوا أَوْ أَبَوْا فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْمَنُوا عَلَيْهِمْ.

لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْأَمَانِ لَا تَكُونُ أَوْجَبَ مِنْ مُرَاعَاةِ حُرْمَةِ الْإِسْلَامِ أَوْ عَقْدِ الذِّمَّةِ.

٣٣١٩ - وَإِنْ كَانُوا فَادُوهُمْ بِمَالٍ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُمْ الْوَفَاءُ بِمَا عَامَلُوهُمْ عَلَيْهِ، لِئَلَّا يُنْسَبُوا إلَى الْغَدْرِ وَلِيَطْمَئِنُّوا إلَيْهِمْ فِي مِثْلِ هَذَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، بِخِلَافِ الْأُسَارَى أَوْ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ إذَا وَقَعَتْ الْمُفَادَاةُ بِهَا.

<<  <   >  >>