للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ رَدِّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَاجِبٌ شَرْعًا وَلِلِاسْتِحْبَابِ لَا يَجُوزُ تَرْكُ الْوَاجِبِ، فَأَمَّا الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِمْ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ شَرْعًا، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ هَذَا الْمَالِ إلَيْهِمْ فَلِاسْتِحْبَابِ الْوَفَاءِ بِمَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِهِ عَلَيْهِ قُلْنَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ الْمَالُ إلَيْهِمْ.

٣٣٢٠ - غَيْرَ أَنَّ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَالرُّءُوسِ إنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ فِيهِ مَا شَرَطَهُ لَهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ، كَرَاهَةَ أَنْ يُنْسَبُوا إلَى الْغَدْرِ أَوْ يَحْذَرُوا الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مِثْلِهِ عِنْدَ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ، فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ الْإِمَامُ لَهُمْ بِمَا صَالَحَهُمْ مِنْ السِّلَاحِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَطْمَئِنُّوا إلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

قُلْنَا: هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنُّوا إلَيْهِ فَذَلِكَ لَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا.

لِأَنَّ أَشَدَّ مَا بِحَضْرَتِهِمْ أَلَّا يَأْتُوا بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ هَذَا حَتَّى يَأْخُذُوا فِدَاءَهُمْ، وَبِهَذَا الْمَوْهُومِ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ رَدُّ الْمُقَاتِلَةِ أَوْ آلَةِ الْقِتَالِ عَلَيْهِمْ لِيَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

٣٣٢١ - وَلَوْ كَانُوا جَاءُوا بِعَبِيدٍ وَإِمَاءٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُ الْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ مِنْهُمْ إذَا ظَفِرَ بِهِمْ لِحُرْمَةِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُعْطِيهِمْ الْفِدَاءَ مِنْ الْأُسَرَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَلَا مِنْ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَلَكِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ مَا كَانَ شَرَطَهُ لَهُمْ فَيُعْطِيهِمْ ذَلِكَ، وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَاجِبٌ فِي هَذَا الْفَصْلِ.

<<  <   >  >>