للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَا بِالسَّبْيِ. فَقَالَ: وَلَمْ وَقَدْ شَرَطُوا ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ قَدْ شَرَطُوا عَلَيْك مَا لَا يَحِلُّ، وَشَرَطْت عَلَيْهِمْ مَا لَا يَحِلُّ فِي الشَّرْعِ، وَكُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] فَأَغْلَظَ الْقَوْلَ عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا دَعَوْتُك لَهُمْ قَطُّ إلَّا جِئْتنِي بِمَا أَكْرَهُ، قُومُوا مِنْ عِنْدِي، فَخَرَجُوا ثُمَّ جَمَعَهُمْ مِنْ الْغَدِ وَقَالَ: تَبَيَّنَ لِي أَنَّ الصَّوَابَ مَا قُلْت فَمَاذَا نَصْنَعُ بِهِمْ؟ قَالَ: سَلْ الْعُلَمَاءَ. فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا بِذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: تُوضَعُ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ. قَالَ لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ احْتَسَبُوا عِنْدَك بِرِضَاهُمْ إلَى رَدِّ الرَّهْنِ، وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ، فَاسْتُحْسِنَ قَوْلُهُ وَأُثْنِيَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ بِجَمِيلٍ.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ هَذَا الشَّرْطُ مِمَّا لَا يَحِلُّ فَلِمَاذَا قَالَ: لَا بَأْسَ بِإِعْطَاءِ الرَّهْنِ عَلَى هَذَا؟ قُلْنَا لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ احْتَاجُوا إلَيْهِ، وَلَيْسَ فِي مُجَرَّدِ الشَّرْطِ فَوَاتُ شَيْءٍ، وَلَا إثْبَاتُ شَيْءٍ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ، بِخِلَافِ قَتْلِ الرَّهْنِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ.

٣٣٤٠ - وَلَوْ أَنَّهُمْ حِينَ أَعْطَوْا الرَّهْنَ وَأَخَذُوا الرَّهْنَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهُمْ رَهْنَهُمْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذُوهُمْ.

لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُمْ ظَالِمُونَ فِي حَبْسِ رَهْنِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْأَمَانِ عَلَى التَّقْرِيرِ عَلَى الظُّلْمِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ إزَالَتِهِ.

٣٣٤١ - ثُمَّ لَا يُرَدُّ رَهْنُهُمْ حَتَّى يَأْمَنُوا مِمَّا كَانُوا يَخَافُونَ، فَإِذَا أَمِنُوا ذَلِكَ رَدُّوا عَلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ، وَلَا يَكُونُ هَذَا غَدْرًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ سَبَقَ نَظِيرُ هَذَا فِيمَا إذَا خَافَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ مِنْ

<<  <   >  >>