نَحْوِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَرْجِعَ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهِمْ وَيُقَاتِلُوهُمْ مِنْ غَيْرِ نَبْذٍ. لِأَنَّ الْأَمَانَ الثَّابِتَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِذَلِكَ الصُّلْحِ قَدْ انْتَهَى بِوُصُولِ الْمُسْلِمِينَ إلَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ الصُّلْحِ أَنْ يَتَمَيَّزَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الْآخَرَ، وَقَدْ حَصَلَ التَّمَيُّزُ حَقِيقَةً وَحُكْمُهَا بِهَذَا الْقَدْرِ.
٣٤٣١ - وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ فَأَحْدَقَ بِهِمْ الْمُشْرِكُونَ ثُمَّ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُمْ الْمُسْلِمُونَ مَا فِي الْعَسْكَرِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُمْ، أَوْ يَرْتَحِلُوا فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ مِنْ غَيْرِ نَبْذٍ حَتَّى يَدْخُلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ.؛ لِأَنَّ الِارْتِحَالَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْخُرُوجِ مِنْ دَارِهِمْ، وَبِوُصُولِ الْمُسْلِمِينَ إلَى مَأْمَنِهِمْ، وَمَأْمَنُهُمْ دَارُ الْإِسْلَامِ، وَفِي الْأَوَّلِ أَهْلُ الْحَرْبِ كَانُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَارْتِحَالُ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُمْ إنَّمَا يَتِمُّ بِوُصُولِهِمْ إلَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ [عَنْ الْآخَرَ] فَكَانَ قَوْلُهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَلَى أَنْ تَرْجِعُوا عَنَّا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ حَتَّى تَرْجِعُوا عَنَّا إلَى بِلَادِكُمْ - لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بِالْعُرْفِ كَالْمَشْرُوطِ بِالنَّصِّ.
٣٤٣٢ - وَلَوْ كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْمَحْصُورُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ صَالَحُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا عَنْهُمْ بِنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ مِنْ غَيْرِ نَبْذٍ حَتَّى يَبْلُغُوا ذَلِكَ الْمَكَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute