للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ الشَّرْطَ هَكَذَا جَرَى بَيْنَهُمْ وَالشَّرْطُ أَمْلَكُ.

٣٤٣٣ - فَإِنْ خَرَجُوا عَنْهُمْ إلَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ أَقَامَ [الْمُسْلِمُونَ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ] قَدْرَ الْمَسِيرِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانُوا شَرَطُوا لَهُمْ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ نَبْذٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. لِأَنَّ مَقْصُودَهُمْ لَيْسَ عَيْنُ ذَلِكَ الْمَكَانَ، وَلَكِنَّ الْأَمَانَ لَهُمْ مِنْ جِهَتِهِمْ فِي مُدَّةِ السَّيْرِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُبْتَنَى الْحُكْمُ عَلَى الْمَقْصُودِ لَا عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا يَكُونُ مُفِيدًا دُونَ مَا لَا يَكُونُ مُفِيدًا. فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَدْرُ الْمَسِيرِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَقَطْ.

٣٤٣٤ - قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الْمُدَّةِ مِقْدَارُ الْمَسِيرِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَمِقْدَارُ الِانْصِرَافِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُمْ فِيهِ. لِأَنَّ مَقْصُودَ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي شَرْطِ الْأَمَانِ أَلَّا يَتَمَكَّنُوا مِنْ الرُّجُوعِ إلَيْهِمْ، بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَّا بِمُدَّةٍ مَدِيدَةٍ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَا ذَكَرْنَاهُ. فَإِنْ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ شَرَطُوا الْخُرُوجَ عَنْهُمْ إلَى الْكُوفَةِ فَأَتَوْا الْبَصْرَةَ، أَوْ مَكَّةَ، أَوْ الشَّامَ، وَذَلِكَ أَبْعَدُ مِنْ الْكُوفَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إلَيْهِمْ فَيُقَاتِلُوهُمْ بِغَيْرِ نَبْذٍ.

<<  <   >  >>