للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلَا تَرَى) أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ لَوْ بَاعَ مِنْ مُسْلِمٍ ابْنَهُ بَعْدَ هَذَا الْأَمَانِ لَمْ يَجُزْ هَذَا الْبَيْعُ، وَلَمْ يَمْلِكْهُ الْمُسْلِمُ، لِأَجْلِ الْأَمَانِ، فَكَذَلِكَ فِي الْمُوَادَعَةِ لَا يَجُوزُ أَخْذُهُمْ بَعْدَ مَا تَنَاوَلَهُمْ الْأَمَانُ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الْمَلِكُ قَاهِرًا لَهُمْ وَهُمْ جَمِيعًا مُقِرُّونَ لَهُ بِالْمُلْكِ يَبِيعُ وَيَهَبُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، فَأَعْطَى الْمَلِكُ مِنْهُمْ مِائَةَ رَأْسٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ مُقِرُّونَ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ، وَبِهَذَا الْإِقْرَارِ صَارُوا عَبِيدًا لَهُ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِمْ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَخْذُهُمْ مِنْهُ فِي الرُّءُوسِ الْمَشْرُوطَةِ عَلَيْهِمْ فِي الْمُوَادَعَةِ.

٣٤٤٠ - وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا لَهُ مُقِرِّينَ بِالْعُبُودِيَّةِ فَجَاءَ بِمِائَةِ رَأْسٍ وَقَالَ: هُمْ عَبِيدِي فَخُذُوهُمْ، وَقَالَ الْقَوْمُ: بَلْ نَحْنُ أَحْرَارٌ، فَإِنْ كَانَتْ الْمِائَةُ رَأْسٍ مَقْهُورِينَ بِحَشَمِ الْمَلِكِ فِي أَيْدِيهِمْ حِينَ أَتَوْنَا بِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِأَخْذِهِمْ. لِأَنَّهُمْ إنْ كَانُوا عَبِيدًا لَهُمْ فَأَخْذُهُمْ حَلَالٌ لَنَا، وَإِنْ كَانُوا أَحْرَارًا فَقَدْ صَارَ قَاهِرًا لَهُمْ بِقُوَّةِ السَّلْطَنَةِ وَقُوَّةِ الْحَشَمِ، فَكَانُوا عَبِيدًا لَهُ أَيْضًا، وَهَذَا لِأَنَّ مَلِكَهُمْ إذَا كَانَ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ بِهِمْ هَذَا وَهَذَا عِنْدَهُمْ جَائِزٌ فِي حُكْمِهِمْ أَنَّ مَنْ قَهَرَ إنْسَانًا فَاسْتَعْبَدَهُ كَانَ عَبْدًا لَهُ أَجَزْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَا أَجَازُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ شَرَطُوا فِي أَصْلِ الْمُوَادَعَةِ أَنَّ أَحْكَامَنَا لَا تَجْرِي عَلَيْهِمْ، وَبِهَذَا الشَّرْطِ كَانَ الْجَارِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامَ الشِّرْكِ، فَيَجْرِي عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَا أَجَازُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ قَالَ أَيْضًا:

٣٤٤١ - وَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمِائَةَ الرَّأْسِ مِنْ أَحْرَارِهِمْ قَهَرُوهُمْ فِي بِلَادِهِمْ وَاسْتَعْبَدُوهُمْ، ثُمَّ جَاءُونَا بِهِمْ مَقْهُورِينَ، فَلَا بَأْسَ

<<  <   >  >>