للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِاشْتِرَاطِ الرُّءُوسِ عَلَيْهِمْ مَنْ يَكُونُ صَالِحًا لِلِاسْتِخْدَامِ، فَإِذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَلَا يَلْبَسُ وَحْدَهُ، وَلَا يَتَوَضَّأُ وَحْدَهُ، فَمَا هُوَ الْمَقْصُودُ لَا يَحْصُلُ وَلَا يَتِمُّ بِهِمْ. لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى مَنْ يَخْدُمُهُمْ، وَلَا يَقُومُونَ فِي الْحَالِ بِخِدْمَةِ غَيْرِهِمْ.

٣٤٥٢ - وَأَمَّا إذَا اسْتَغْنَوْا عَنْ الْأُمَّهَاتِ فَالْمَقْصُودُ، وَهُوَ الِاسْتِخْدَامُ، يَحْصُلُ بِهِمْ، وَكَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ، فَإِنَّ انْتِقَاضَ الْمَالِيَّةِ بِسَبَبِ الصِّغَرِ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ اسْتِغْنَاءِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأُمِّ، فَأَمَّا بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذَلِكَ فَالْمَالِيَّةُ لَا تَنْقُصُ بِالصِّغَرِ عَادَةً، فَإِذَا جَاءُوا بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ أَوْسَاطِ رَقِيقِهِمْ وَجَبَ الْقَبُولُ مِنْهُمْ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقَبُولِ لِمَكَانِ أُمَّهَاتِهِمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ. لِأَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الصِّغَارِ وَالْأُمَّهَاتِ هَا هُنَا لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ.

٣٤٥٣ - وَهُوَ نَظِيرُ مُسْتَأْمَنٍ فِي دَارِنَا لَهُ جَارِيَةٌ وَلَهَا ابْنٌ صَغِيرٌ فَبَاعَ الْأُمَّ دُونَ الِابْنِ، أَوْ الِابْنَ دُونَ الْأُمِّ، مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَازَ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ.

لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ هُوَ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا دُونَ الْمُسْلِمُ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِ أَحَدُهُمَا مِنْهُ رَجَعَ بِهِمَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ عَوْنٌ لِلْمُشْرِكَيْنِ، إمَّا بِهِمَا، أَوْ بِنَسْلِهِمَا، وَمُرَاعَاةُ هَذَا الْجَانِبِ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ جَانِبِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ، فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ.

<<  <   >  >>