أَلَا تَرَى) - أَنَّ فِي أَصْلِ الْمُوَادَعَةِ إذَا زَالَ الْمَعْنَى الَّذِي أَحْوَجَ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهَا بِأَنْ يَقْوَوْا عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ وَادْعُوهُمْ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَإِنَّهُ: يَجُوزُ النَّبْذُ إلَيْهِمْ قَبْلُ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ غَدْرًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ يَمِينَهُ.» وَتِلْكَ الْمُوَادَعَةُ لَا تَكُونُ أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ.
٣٤٩٧ - فَإِنْ قَالُوا: فَرُدُّوا عَلَيْنَا رَهْنَنَا إنْ لَمْ تُعْطُونَا رَهْنَكُمْ لَمْ نَرْدُدْهُمْ حَتَّى نَأْمَنَ مِمَّا كُنَّا نَخَافُهُ. لِأَنَّ فِي رَدِّهِمْ تَقْوِيَتَهُمْ عَلَيْنَا وَتَمْكِينَهُمْ مِنْ اسْتِئْصَالِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. فَإِذَا وَقَعَ الْأَمْنُ مِمَّا كُنَّا نَخَافُ فَحِينَئِذٍ نَرُدُّ عَلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ. لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْمَنِينَ فِينَا، فَنَحْبِسُهُمْ إلَى أَنْ نَأْمَنَ مِمَّا نَخَافُهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ نُبَلِّغُهُمْ مَأْمَنَهُمْ.
٣٤٩٨ - فَإِنْ أَسْلَمَ الرَّهْنُ فِي أَيْدِينَا ثُمَّ طَلَبَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَأْخُذُوهُمْ فَلَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِمْ. وَالْكُفَّارُ غَيْرُ مَأْمُونِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، إلَّا أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا عَبِيدًا لِلْمُشْرِكِينَ بَاعَهُمْ الْإِمَامُ وَدَفَعَ ثَمَنَهُمْ إلَى مَوَالِيهمْ، بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِنَا إذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ أَعْطَوْا الرَّهْنَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ثُمَّ قَدَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهُمْ الرَّهْنَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذُوهُ مِنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute