للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ الضَّرُورَةَ قَدْ ارْتَفَعَتْ، وَبِاعْتِبَارِهَا كَانَ لَهُمْ حَقُّ الْمَنْعِ، فَيَكُونُ لَهُمْ حَقُّ الْأَخْذِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتْرُكُوا تَخْلِيصَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مَقْهُورٌ فِي يَدِ الْمُشْرِكِينَ إذَا تَمَكَّنُوا مِنْهُ.

٣٤٩٩ - فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْهُمْ فَلَا بَأْسَ بِقِتَالِهِمْ عَلَيْهِمْ، إذَا طَلَبَ ذَلِكَ رَهْنُ الْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّهُمْ ظَالِمُونَ فِي حَبْسِهِمْ، وَدَفْعُ الظُّلْمِ وَاجِبٌ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَلَكِنْ إنْ قَدَرُوا عَلَى أَخْذِهِمْ بِغَيْرِ قَتْلٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتُلُوا أَحَدًا مِنْهُمْ لِلْمُوَادَعَةِ الَّتِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ.

٣٥٠٠ - وَإِنْ قَالَ رَهْنُ الْمُشْرِكِينَ: نَحْنُ نَكُونُ لَكُمْ ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا نَرْجِعُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، أَجَابَهُمْ الْإِمَامُ إلَى ذَلِكَ إذَا كَانُوا أَحْرَارًا. لِأَنَّ الذِّمَّةَ خَلَفٌ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي الْتِزَامِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ أَحَدُ مَا يَنْتَهِي بِهِ الْقِتَالُ، فَكَمَا أَنَّهُمْ لَوْ طَلَبُوا عَرْضَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ وَجَبَ إجَابَتُهُمْ إلَى ذَلِكَ، فَكَذَا لَوْ طَلَبُوا إعْطَاءَ الذِّمَّةِ، إلَّا أَنْ يَكُونُوا عَبِيدًا لِلْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ الْعَبْدَ تَبَعٌ لِمَوْلَاهُ، وَقَدْ صَارُوا مُسْتَأْمَنِينَ فِينَا، فَبِاعْتِبَارِ الْأَمَانِ صَارَ مِلْكُ الْمُوَالِي فِيهِمْ مُحْتَرَمًا، وَبِدُونِ إزَالَةِ الْمِلْكِ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُمْ ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، فَلِهَذَا رُدُّوا إلَى مَوَالِيهمْ.

٣٥٠١ - فَإِنْ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الرَّهْنُ: نَحْنُ أَحْرَارٌ. وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: هُمْ عَبِيدٌ لَنَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّهْنِ.

<<  <   >  >>