للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَطَلَبُوا مِنَّا فِي الْمُوَادَعَةِ أَنْ نُعْطِيَهُمْ رَهْنًا فَقَالَ الرَّهْنُ لَا نَرْضَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَأْمُونِينَ عَلَيْنَا، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُجْبِرَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّ الْخَوْفَ مِنْ جِهَتِهِمْ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ظَاهِرٌ، وَعَلَى هَؤُلَاءِ الرَّهْنِ إذَا دَفَعْنَاهُمْ إلَيْهِمْ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، بَلْ الظَّاهِرُ فِي النَّاسِ الْوَفَاءُ بِالْمُوَادَعَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْإِمَامَ إذَا اُبْتُلِيَ بِبَلِيَّتَيْنِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ أَهْوَنَهُمَا، وَيَدْفَعُ أَعْظَمَ الضَّرَرَيْنِ بِأَهْوَنِ الضَّرَرَيْنِ.

٣٥١٢ - فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ عِنْدَهُ أَنَّهُمْ إذَا أَخَذُوا الرَّهْنَ قَتَلُوهُمْ فَحِينَئِذٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُمْ إلَيْهِمْ. لِأَنَّهُ إذَا دَفَعَهُمْ كَانَ شَرِيكًا فِي دِمَائِهِمْ، مُعِينًا عَلَى هَلَاكِهِمْ، وَإِذَا لَمْ يَدْفَعْهُمْ فَظَفِرَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ شَرِيكَهُمْ فِيمَا يَصْنَعُونَ بِالْمُسْلِمِينَ وَأَكْبَرُ الرَّأْيِ فِي هَذَا كَالْيَقِينِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ احْتَاجَ إلَى أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِمْ رَسُولًا فِي مُهِمٍّ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ. فَأَبَى الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُدْخِلَ إلَيْهِمْ رَسُولًا، فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ مِنْهُ إنْ بَعَثَ إلَيْهِمْ رَسُولًا قَتَلُوهُ. فَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْعَثَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَحَدًا وَلَا يُكْرِهُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ.

٣٥١٣ - فَإِنْ جَرَتْ الْمُوَادَعَةُ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ، ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ، فَأَرَادُوا أَنْ يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ، وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَسْنَا نَدَعُ الْمُوَادَعَةَ وَلَا نَرُدُّ عَلَيْكُمْ رَهْنَكُمْ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ

<<  <   >  >>