أَلَّا يُبْطِلُوا الْمُوَادَعَةَ، لَا لِإِبَاءِ الْمُشْرِكِينَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لِمَكَانِ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُشْرِكِينَ. لِأَنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ كَانَ هَذَا مِنْهُمْ إجْبَارًا لِلرَّهْنِ وَامْتِنَاعًا مِنْ الْوَفَاءِ بِالْمَوْعُودِ لَهُمْ وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ، فَيَفُونَ لَهُمْ بِمَا أَعْطَوْهُمْ، حَتَّى يَسْتَنْقِذُوا الرَّهْنَ مِنْهُمْ.
٣٥١٤ - وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمُوَادَعَةُ مُؤَبَّدَةً، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُبْطِلُوا الْمُوَادَعَةَ، وَإِنْ قَدَرُوا عَلَى قِتَالِهِمْ، حَتَّى يَسْتَنْقِذُوا الرَّهْنَ، أَوْ يَمُوتَ الرَّهْنُ أَجْمَعُونَ، أَوْ يَرْضَوْا بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِقِتَالِهِمْ. لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ النَّبْذِ مُرَاعَاةُ حَقِّ الرَّهْنِ. وَلِوُجُودِ إحْدَى هَذِهِ الْخِصَالِ يَزُولُ هَذَا الْمَانِعُ.
٣٥١٥ - وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الْمُوَادَعَةِ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنْ قَاتَلْتُمُونَا قَتَلْنَا رَهْنَكُمْ فَلَا بَأْسَ بِقِتَالِهِمْ. لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا إخْفَارٌ لِلْعَهْدِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الرَّهْنِ، فَقَدْ انْتَهَى ذَلِكَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ. فَلَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْنَا قِتَالُهُمْ بِسَبَبِ الْخَوْفِ عَلَى الرَّهْنِ، كَمَا لَوْ تَتَرَّسُوا بِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ
لَمْ يَكُنْ بِقِتَالِهِمْ بَأْسٌ
، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي أَيْدِيهمْ أُسَرَاءُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: إنْ قَاتَلْتُمُونَا قَتَلْنَا الْأُسَارَى، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِقِتَالِهِمْ لِهَذَا الْمَعْنَى. وَكَذَلِكَ إنْ أَرْسَلَ إلَيْهِمْ رُسُلًا لِحَاجَةٍ بِرِضَاءِ الرُّسُلِ، أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ فَحَبَسُوهُمْ. وَقَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: إنْ قَاتَلْتُمُونَا قَتَلْنَا رُسُلَكُمْ فَلَا بَأْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute