بِقِتَالِهِمْ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إخْفَارٌ مِنْ الْإِمَامِ لِقَوْمٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، إنَّمَا فِيهِ مَظْلَمَةٌ يَظْلِمُ الْمُشْرِكُونَ بِهَا الْمُسْلِمِينَ،
وَلِلْخَوْفِ مِنْ ذَلِكَ
لَا يَتَعَذَّرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْقِتَالُ مَعَهُمْ.
٣٥١٦ - وَقَالَ: وَلَوْ طَلَبَ بَعْضُ مَدَائِنِ الشِّرْكِ أَنْ يَكُونَ ذِمَّةً لَهُمْ فَكَرِهَ ذَلِكَ مَلِكُ الْمُوَادِعِينَ وَقَالَ: إنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَتَلْنَا رَهْنَكُمْ، أَوْ اسْتَعْبَدْنَاهُمْ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا رَدَدْنَا عَلَيْكُمْ رَهْنَكُمْ، فَإِنَّ الْإِمَامَ وَالْمُسْلِمِينَ يَنْظُرُونَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ إعْطَاءِ الذِّمَّةِ إلَى أَنْ يَأْخُذُوا رَهْنَكُمْ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَبُولُ الذِّمَّةِ مِنْ الَّذِينَ طَلَبُوا ذَلِكَ خَيْرًا فَعَلَ ذَلِكَ الْإِمَامُ. لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَخْتَارُ مَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ أَظْهَرُ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَبُولِ الذِّمَّةِ مِنْ هَؤُلَاءِ إخْفَارٌ فِي حَقِّ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الرَّهْنُ، وَلَا كَانَ وُقُوعُهُ مَعْلُومًا عِنْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّبْذِ إلَيْهِمْ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ. وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَخْتَارَ مَا فِيهِ اسْتِنْقَاذُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ. (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ أَهْلُ مَدِينَةٍ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونُوا ذِمَّةً فَقَالَ مَلِكُ الْعَدُوِّ: إنْ أَبَيْتُمْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ خَلَّيْت سَبِيلَ أُسَرَائِكُمْ، وَإِنْ قَبِلْتُمْ ذَلِكَ مِنْهُمْ قَتَلْت أُسَرَاءَكُمْ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مَا هُوَ الْأَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ كَانَ اسْتِنْقَاذُ الْأُسَرَاءِ خَيْرًا فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَبُولُ الذِّمَّةِ مِنْ أُولَئِكَ خَيْرًا لِمَا يَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute