فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ بِشَوْكَةِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ طَلَبُوا الذِّمَّةَ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقْبَلُ الذِّمَّةَ مِنْهُمْ، وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى جَانِبِ الْأُسَرَاءِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ حَاصَرَ أَهْلَ مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ وَأَشْرَفَ عَلَى فَتْحِهَا فَقَالَ لَهُ مَلِكُ الْعَدُوِّ انْصَرِفُوا عَلَى أَنْ نُعْطِيَكُمْ أُسَرَاءَكُمْ الَّذِينَ فِي أَيْدِينَا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَيَفْعَلُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ.
٣٥١٧ - فَإِنْ غَدْرَ أَهْلُ الْمُوَادَعَةِ فَقَتَلُوا رَهْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي رَهْنِهِمْ صِبْيَانٌ لَيْسَ مَعَهُمْ آبَاؤُهُمْ وَلَا أُمَّهَاتُهُمْ، فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ حَتَّى يَبْلُغُوا فَيَصِفُوا الْإِسْلَامَ. لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، وَفِي دَارِ الْإِسْلَامِ، كُفَّارًا عَلَى دِينِ آبَائِهِمْ، قَبْلَ أَنْ يَغْدِرَ الْمُشْرِكُونَ بِالرَّهْنِ فَلَا يَتَحَوَّلُونَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى يَصِفُوا الْإِسْلَامَ. وَهَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي غَدْرِهِمْ إلَّا أَنَّ رَهْنَهُمْ بِهِ قَدْ صَارُوا فِينَا بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَوْلَادُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ آبَاؤُهُمْ وَلَا أُمَّهَاتُهُمْ، بِأَنْ كَانُوا مَاتُوا، أَوْ نَقَضُوا الْعَهْدَ لَا يُحْكَمُ لَهُمْ بِالْإِسْلَامِ مَا لَمْ يَصِفُوا الْإِسْلَامَ قَبْلَ الْبُلُوغِ، أَوْ بَعْدَهُ فَحَالُ هَؤُلَاءِ كَذَلِكَ.
٣٥١٨ - فَإِذَا كَانَ فِي رَهْنِهِمْ مَمَالِيكُ ثُمَّ غَدَرُوا فَقَتَلُوا رَهْنَنَا فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَمَالِيكَهُمْ بِبَيْعِهِمْ، وَيَقِفُ الثَّمَنَ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَتَّى يُرْضِيَ الْمُشْرِكُونَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ رَهْنِهِمْ. لِأَنَّهُمْ احْتَبَسُوا عِنْدَنَا وَلَكِنْ لَمْ تَسْقُطْ حُرْمَةُ مِلْكِ الْمُلَّاكِ فِيهِمْ لِأَجْلِ الْأَمَانِ فَالسَّبِيلُ بَيْعُهُمْ وَوَقْفُ ثَمَنِهِمْ كَمَا لَوْ أَسْلَمُوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute