فَإِنْ كَانُوا قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ نَدْفَعُ إلَيْكُمْ الَّذِينَ قَتَلُوا رَهْنَكُمْ لِتَحْكُمُوا فِيهِمْ بِمَا شِئْتُمْ، وَتَرُدُّوا عَلَيْنَا رَهْنَنَا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يُرَاعِي فِي ذَلِكَ مَعْنَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ حَظًّا لِلْمُسْلِمِينَ لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ، أَرَأَيْت لَوْ كَانَ رَهْنُنَا خَمْسِينَ رَجُلًا فَقَتَلَهُمْ إنْسَانٌ وَاحِدٌ أَكُنَّا نَأْخُذُ مِنْهُمْ ذَلِكَ الْقَاتِلَ الْوَاحِدَ وَنَرُدُّ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ مِنْ أَحْرَارِهِمْ وَأَيُّ وَهْنٍ يَكُونُ أَشَدَّ مِنْ هَذَا؟ وَإِنْ رَأَى الْحَظَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ قَبِلَهُ فَأَخَذَ الْقَاتِلِينَ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ فِي الْقَاتِلِينَ، إنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ بِهِمْ، لَا بِطَرِيقِ الْقِصَاصِ، فَإِنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يَسْتَوْجِبُ الْقِصَاصَ بِقَتْلِ الْمُسْلِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَكِنْ لِأَنَّهُمْ أُسَارَى مَقْهُورُونَ فِي أَيْدِينَا، لَا أَمَانَ لَهُمْ، وَلِلْإِمَامِ فِيهِمْ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُمْ عَبِيدًا، فَإِذَا اخْتَارَ ذَلِكَ أَعْطَى وَارِثَ كُلِّ مَقْتُولٍ الْعَبْدَ الَّذِي قَتَلَ مُوَرِّثَهُ. لِأَنَّهُ أَخَذَهُمْ عِوَضًا عَنْ الرَّهْنِ الْمَقْتُولِينَ، وَلِذَلِكَ رَدَّ عَلَيْهِمْ رَهْنَهُمْ، فَإِذَا صَارُوا مَمْلُوكِينَ كَانَ حُكْمُهُمْ حُكْمُ الدِّيَاتِ. وَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى النَّفْسِ إذَا وُجِدَ مِمَّنْ يَحْتَمِلُ التَّمَلُّكَ، وَلَمْ يَكُنْ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ كَانَ مُوجِبُهَا اسْتِحْقَاقُ نَفْسِ الْجَانِي بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِلْكًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute