للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَكْتُبُ، فَلَمَّا كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: لَا نَدْرِي مَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ؟ اُكْتُبْ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ، ثُمَّ كَتَبَ: هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: لَوْ عَرَفْنَاك رَسُولَ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَاك، أَوَ تَرْغَبُ عَنْ اسْمِ أَبِيك؟ اُكْتُبْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَنْ يَمْحُوَ مَا كَتَبَ، فَأَبَى عَلِيٌّ ذَلِكَ حَتَّى مَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، بِيَدِهِ. وَقَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اُكْتُبْ: هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَمْلَى عَلَيْهِ الْكِتَابَ إلَى آخِرِهِ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ نُسْخَتَيْنِ» فَصَارَ هَذَا أَصْلًا فِي هَذَا الْبَابِ.

وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ يَحْتَاجُ إلَى نُسْخَةٍ تَكُونُ فِي يَدِهِ، حَتَّى إذَا نَازَعَهُ الْفَرِيقُ الْآخَرُ فِي شَرْطٍ رَجَعَ إلَى مَا فِي يَدِهِ، وَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ، ثُمَّ الْمَقْصُودُ بِهِ التَّوَثُّقُ وَالِاحْتِيَاطُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ عَلَى أَحْوَطِ الْوُجُوهِ، وَيَتَحَرَّزُ فِيهِ مِنْ طَعْنِ كُلِّ طَاعِنٍ، إلَيْهِ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٢] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ يَكُونُ صَوَابًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ فِيهِ طَعْنٌ، ثُمَّ بَدَأَ الْكِتَابَ فَقَالَ: هَذَا مَا تَوَادَعَ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ فُلَانٌ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، وَفُلَانٌ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، وَأَبُو زَيْدٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: فِي شُرُوطٍ الِاخْتِيَارُ عِنْدِي

<<  <   >  >>