للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنْ يَكْتُبَ هَذَا كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ مَا تَوَادَعَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ صَادِقًا حَقِيقَةً فَإِنَّ هَذَا إشَارَةٌ إلَى الْبَيَاضِ، وَالْبَيَاضُ لَا يَكُونُ مَا تَوَادَعَ عَلَيْهِ، بَلْ يَكُونُ فِيهِ ذِكْرُ مَا تَوَادَعَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ مَا اخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُوَافِقٌ لِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا رَوَيْنَا، وَكَذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّهُ حِينَ «أَمَرَ بِكِتَابٍ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ كَانَ صِفَتُهُ: هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ، رَسُولُ اللَّهِ، مِنْ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ» ، وَإِشَارَةُ الْكِتَابِ تَدُلُّ عَلَى هَذَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ} [ص: ٥٣] . وَالْمُرَادُ الْوَعْدُ لِلْأَبْرَارِ وَالْوَعِيدُ لِلْفُجَّارِ، ثُمَّ لَمْ يَقُلْ هَذَا كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ.

٣٥٥٧ - ثُمَّ قَالَ: تَوَادَعُوا كَذَا وَكَذَا سَنَةً، أَوَّلُهَا شَهْرُ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا، وَآخِرُهَا شَهْرُ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا.

وَإِنَّمَا يَبْدَأُ بِذِكْرِ التَّارِيخِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْعَقْدِ الَّذِي يَجْرِي حُرْمَةُ الْقِتَالِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَآخِرُهَا مُوجِبًا مَعْلُومًا وَذَلِكَ بِبَيَانِ التَّارِيخِ.

وَإِنَّمَا اخْتَارَ لَفْظَ الْمُوَادَعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُسَالَمَةَ وَلَا مُصَالَحَةَ حَقِيقَةً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ بَيْنَهُمْ الْمُعَاهَدَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

{إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ١] وَالْمُوَادَعَةُ هِيَ الْمُعَاهَدَةُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا بِالْفَرِيقَيْنِ حَاجَةٌ إلَى ذِكْرِهِ فِي الْكِتَابِ إلَى أَنْ قَالَ

٣٥٥٨ - وَجَعَلَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ بِالْوَفَاءِ بِجَمِيعِ

<<  <   >  >>