أَنَّ الرُّسُلَ آمِنُونَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْمِنُوا.
بَيَانُهُ فِيمَا رُوِيَ أَنَّ «رَسُولَ قَوْمٍ تَكَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، بِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّك رَسُولٌ لَأَمَرْت بِقَتْلِك» . وَمَا زَالَ الرُّسُلُ آمَنِينَ حَتَّى يُبَلِّغُوا الرِّسَالَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ.
لِأَنَّ مَا هُوَ مَقْصُودُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الصُّلْحِ وَالْقِتَالِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالرُّسُلِ، وَمَا لَمْ يَكُونُوا آمَنِينَ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ أَدَاءِ الرِّسَالَةِ عَلَى وَجْهِهَا، فَكَانُوا آمَنِينَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ
٣٥٦٤ - وَلَكِنْ إنْ شَرَطَ لَهُمْ ذَلِكَ وَكَتَبَ بِهِ وَثِيقَةً فَهُوَ أَحْوَطُ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الرُّسُلِ أُسَرَاءُ جَاءُوا بِهِمْ لِلْمُفَادَاةِ فَشَرَطُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرُدُّوهُمْ إنْ لَمْ تَتَّفِقْ الْمُفَادَاةُ، فَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُصَالِحُوهُمْ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكْتُبُوا بِهِ وَثِيقَةً.
لِأَنَّهُمْ ظَالِمُونَ فِي حَبْسِ أَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا وَجْهَ لِرَدِّهِمْ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ بَعْدَ تَمَكُّنِنَا مِنْ الِانْتِزَاعِ مِنْ أَيْدِيهِمْ.
٣٥٦٥ - وَمَا يَتَعَذَّرُ الْوَفَاءُ بِهِ شَرْعًا لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْعَهْدِ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلْيَنْقُضُوا هَذَا الْعَهْدَ، وَلْيَأْخُذُوا مِنْهُمْ الْأُسَرَاءَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ احْتَاجُوا إلَى قِتَالٍ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَحْتَاجُوا.
لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» . وَقَالَ: «رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إلَى السُّنَّةِ» إلَّا أَنَّ الْأُسَرَاءَ إنْ كَانُوا عَبِيدًا فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَبِيعُوهُمْ، وَيَرُدُّوا عَلَيْهِمْ أَثْمَانَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute