للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ الدَّلَالَةَ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهَا عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِهَا، كَمُقَدِّمِ الْمَائِدَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْغَيْرِ إذَا نَهَاهُ عَنْ الْأَكْلِ. وَقَدْ رَوَيْنَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْقِتَالِ فِي بَعْضِ أَيَّامِ خَيْبَرَ فَقَاتَلَ رَجُلٌ فَقُتِلَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تَحِلُّ الْجَنَّةُ لِعَاصٍ» .

١٨٣ - وَكَذَلِكَ إنْ نَهَى إنْسَانًا بِعَيْنِهِ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِاحْتِمَالِ النَّظَرِ فِي نَهْيِ الْإِمَامِ لَهُ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ غَيْرُهُ لِبَقَاءِ دَلِيلِ الْإِذْنِ فِي حَقِّهِ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ «أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ خَرَجُوا يَوْمَ بَدْرٍ يَدْعُونَ إلَى الْبِرَازِ. فَخَرَجَ إلَيْهِمْ ثَلَاثَةٌ مِنْ فَتَيَانِ الْأَنْصَارِ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْتَسَبُوا، فَقَالُوا: أَنْتُمْ أَبْنَاءُ قَوْمٍ كِرَامٍ، وَلَكِنَّا نُرِيدُ أَكْفَاءَنَا مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَرْجِعُوا إلَى مُحَمَّدٍ وَقُولُوا لَهُ: أَخْرِجْ إلَيْنَا أَكْفَاءَنَا» . هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمَغَازِي. وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ قَبْلَ نَهْيِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ:

١٨٤ - فَقَالَ: «فَرَدَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خَرَجُوا

<<  <   >  >>