فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا زَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - سُهَيْلَ بْنَ حُنَيْفٍ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ مُسْلِمًا فَلَمْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ» وَفِي هَذَا دَلِيلُ أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ، وَبِهِ يَسْتَدِلُّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَى الْمُهَاجِرَةِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَرَى عَلَى الْمُهَاجِرَةِ الْعِدَّةَ، وَجَعَلَهَا فِي ذَلِكَ كَالْمَسْبِيَّةِ، لِأَنَّ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَانَ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حُكْمًا، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا اعْتَدَّتْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.
وَذُكِرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ٣٦٤٢ - قَالَ إذَا لَحِقَتْ الْمَرْأَةُ بِأَرْضِ الْحَرْب فَلَا تَعْتَدَّ بِهَا فِي نِسَائِك وَبِهِ نَأْخُذُ فَنَقُولُ: إذَا لَحِقَتْ مُرْتَدَّةٌ عَنْ الْإِسْلَامِ، أَوْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً فَلَحِقَتْ نَاقِضَةً لِلْعَهْدِ، فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، حِينَ صَارَتْ حَرْبِيَّةً، وَلَكِنْ لَا عِدَّةَ لَهَا هَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَالْحَرْبِيَّةُ لَا تُخَاطَبُ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمُهَاجِرَةِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، هُمَا سَوَاءٌ فِي حُكْمِ الْعِدَّةِ، إلَّا أَنَّ الْمُهَاجِرَةَ إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ مَا لَمْ تَضَعْ حَمْلَهَا، لَا لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ لِأَنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا ثَابِتَ النَّسَبِ، بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا حَبِلَتْ مِنْ مَوْلَاهَا فَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute