للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمُوَادَعَةِ وَمَنَعَةِ أَنْفُسِهِمْ حِينَ وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِمْ أَوْلَى، وَهَذَا لِأَنَّا إنَّمَا الْتَزَمْنَا لِلْمُوَادَعِينَ تَرْكَ التَّعَرُّضِ لَهُمْ، لَا أَنْ نَنْصُرَهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ.

وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ بَعْضُهُمْ دَارَنَا بِحُكْمِ الْمُوَادَعَةِ.

لِأَنَّ الدَّاخِلِينَ لَمَّا لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ فَقَدْ الْتَزَمْنَا نُصْرَتَهُمْ بِالْأَمَانِ الثَّابِتِ لَهُمْ فِي دَارِنَا حُكْمًا.

٣٨٠٤ - وَلَوْ كَانَ الَّذِينَ أَغَارُوا عَلَى الْمُوَادَعِينَ قَوْمًا مِنْ الْخَوَارِجِ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْعَدْلِ، رَدُّوهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ أَحْرَارًا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ.

أَمَّا إذَا أَغَارُوا عَلَيْهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ غَيْرُ مُشْكِلٍ، وَأَمَّا إذَا أَغَارُوا عَلَيْهِمْ فِي دَارِ الْمُوَادَعَةِ فَلِأَنَّا قَدْ الْتَزَمْنَا لَهُمْ بِالْمُوَادَعَةِ تَرْكَ التَّعَرُّضِ وَأَلَّا يَظْلِمَهُمْ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَالْخَوَارِجُ مِنْهُمْ، فَكَانَ عَلَى إمَامِ أَهْلِ الْعَدْلِ دَفْعُ ظُلْمِهِمْ عَنْ الْمُوَادَعِينَ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُمْ، كَمَا عَلَيْهِ دَفْعُ ظُلْمِ أَهْلِ الْعَدْلِ عَنْهُمْ، إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُمْ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ دَفْعُ ظُلْمِ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ بِسَبَبِ الْمُوَادَعَةِ، لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ ذَلِكَ لَهُمْ.

وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ الْفَرْقَ أَنَّ أَمَانَ الْخَوَارِجِ يَثْبُتُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْعَدْلِ، فَكَذَلِكَ أَمَانُ أَهْلِ الْعَدْلِ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْخَوَارِجِ، عَمَلًا «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» .

وَإِذَا ظَهَرَ حُكْمُ أَمَانِهِمْ فِي حَقِّ الْخَوَارِجِ لَمْ يَمْلِكُوهُمْ بِالْأَسْرِ فَلِهَذَا وَجَبَ رَدَّهُمْ أَحْرَارًا كَمَا كَانُوا.

٣٨٠٥ -

<<  <   >  >>