قَالَ: وَلَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ فَأَسَرَ عَبْدَهُ أَهْلُ حَرْبٍ آخَرُونَ وَأَحْرَزُوهُ، ثُمَّ وَقَعَ الْعَبْدُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَمَوْلَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ قَدْ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنْ حَضَرَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ حَضَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ إنْ شَاءَ.
لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ حَالُهُ كَحَالِ الذِّمِّيِّ مَا دَامَ مُسْتَأْمَنًا فِينَا فِي نَفْسِهِ إذَا صَارَ مَقْهُورًا، فَكَذَلِكَ فِي مَالِهِ إذَا وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ حُكْمَ الْأَمَانِ يَعُمُّ الْمَالَ وَالنَّفْسَ، ثُمَّ إنَّمَا يَنْتَهِي حُكْمُ الْأَمَانِ بِرُجُوعِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَفِيمَا يَرُدُّهُ مَعَ نَفْسِهِ، فَأَمَّا فِيمَا لَمْ يَرُدَّهُ فَحُكْمُ الْأَمَانِ قَائِمٌ كَأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ؛ فَلِهَذَا كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَا بَيَّنَّا، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَلَمْ يَكُنْ مَوْلَاهُ مَعَهُ.
لِأَنَّ حُكْمَ الْأَمَانِ ثَابِتٌ فِيهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنَّا قَدْ الْتَزَمْنَا تَبْلِيغَهُ مَأْمَنَهُ، وَقَدْ انْعَدَمَ ذَلِكَ حِينَ أَحْرَزَهُ أَهْلُ حَرْبٍ آخَرُونَ؛ وَلِهَذَا إذَا وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى مَوْلَاهُ، قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالْقِيمَةِ.
٣٨٠٦ - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْمُوَادَعِينَ دَخَلَ إلَيْنَا بِتِلْكَ الْمُوَادَعَةِ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ مَوْلَاهُ، ثُمَّ أَسَرَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ آمِنًا فِينَا بِتِلْكَ الْمُوَادَعَةِ، فَهُوَ فِي الْحُكْمِ كَالْمُسْتَأْمَنِ فِينَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute