فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ جُعِلَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ بِلَحَاقِهِ حَتَّى رَجَعَ مُسْلِمًا فَجَمِيعُ مَا صَنَعَ الْوَكِيلُ مِنْ ذَلِكَ جَائِزٌ.
فِي رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ، وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ يَقُولُ: الْوَكَالَةُ تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ وَلَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِ، وَمَوْتُ الْمُوَكِّلِ مُبْطِلٌ لِلْوَكَالَةِ. وَلِأَنَّهُ حِينَ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَدْ صَارَ بِحَالٍ لَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاءُ التَّوْكِيلِ بِهَذَا التَّصَرُّفِ، فَلَا يَبْقَى الْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ أَيْضًا.
وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَّا زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْ الْعَبْدِ، وَبَعْدَ صِحَّةِ الْوِكَالَةِ لَا يَبْطُلُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ بَيْعِهِ، ثُمَّ وَهَبَهُ لِإِنْسَانٍ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ، كَانَ الْوَكِيلُ عَلَى وِكَالَتِهِ، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا قُلْنَا: لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ، وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ بِاللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ زَالَ زَوَالًا مَوْقُوفًا، فَيَعُودُ إلَيْهِ إذَا جَاءَ مُسْلِمًا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ، فَيَتَوَقَّفُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا لِتَوَقُّفِ مِلْكِهِ
٣٨٥٩ - فَإِنْ قَضَى بِالْمِيرَاثِ لِلْوَرَثَةِ فَقَدْ تَمَّ زَوَالُ الْمِلْكِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَكِيلِ لَمْ يُلَاقِ مِلْكَ الْمُوَكِّلِ، فَكَانَ بَاطِلًا، وَإِنْ عَادَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي تَقَرَّرَ مِلْكُهُ، وَنَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ لَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَصَرَّفَ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ بَعْدَ اللَّحَاقِ بِدَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute